الدولة العميقة في أميركا، لا تمثلها السفيرة الأميركية في العراق (ألينا رومانوسكي)، ولم يكن يمثلها سلفها ماثيو تولر، لأنَّ أهم وظائف السفيرة رومانوسكي الآن؛ هي عقد صفقات تجارية على المستوى الشخصي، وابتزاز الوزراء! وهي نفسها السفيرة التي نقلت نفسها فجأة من مرحلة (الحرب الناعمة)، إلى (ملفات الطاقة)، لأنَّ قراءتها كانت متأخرة، لذلك نقول هؤلاء لا يمثلون مفهوم الدولة العميقة، إنَّ الذي يمثل رؤية الدولة العميقة؛ هي مراكز الدراسات الأميركية، ومن أهمها (مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى)، وأشهر كُتَّابه: مايكل نايتس (مستشار البنتاغون)، حمدي مالك… وغيرهم، من أجل ذلك، نعرض قراءتنا وتحليلنا لموقفين: الأول للكاتب مايكل نايتس، والآخر للسفيرة رومانوسكي؛ لنقف بهما على خلاصة الملفات الأميركية، التي ستكون ضاغطةً (محليًّا) على العراق في المرحلة المقبلة.
1- مايكل نايتس:
نشر هذا الكاتب (مستشار البنتاغون)، دراسة على وفق الآتي:
العنوان: العراق ينهارُ بهدوء
الموقع: الشؤون الخارجية – FOREIGN AFFAIRS
التاريخ: 5-حزيران-2023
الرصد والترجمة: مركز إنليل للدراسات.
ذكر السيد نايتس في دراسته، وصفًا لرئيس الحكومة العراقية، قال: «السوداني اليوم هو دمية وحسب؛ إذ مع أنَّ رئيس الوزراء هو مدير متمرس في القطاع العام، ويعمل بجد، إلا أنه يقود العراق بالاسم وحسب»
وضع السيد نايتس ثلاثة مرتكزات تمثل عنوان ملفات الضغط (المحلية)، على الإطار التنسيقي والمقاومة، ستمارسها أميركا في هذه المرحلة، وهي:
أولًا: الدكتور القاضي فائق زيدان (رئيس مجلس القضاء الأعلى)، إذ قال عنه السيد نايتس:
«الكتلة [الإطار التنسيقي] توجه أحكام القضاء توجيهًا لم نشهده منذ سقوط صدام؛ إذ إنَّ فائق زيدان… هو حليف وثيق لأمراء الحرب الذين يقودون الإطار التنسيقي، وتدخلت المحكمة العليا تحت قيادته تدخلًا حاسمًا في سياسات البلد، لتكريس سيطرة الميليشيات.»
يقصد بأمراء الحرب: الشيخ قيس الخزعلي، الحاج هادي العامري، الزعيم نوري المالكي.
ثانيًا: هيئة الإعلام والاتصالات.
علمًا أنَّ معهد واشنطن، سبق أن نشر دراسةً عن هيئة الإعلام والاتصالات، وكان مركزنا (مركز إنليل للدراسات) قد رصدها وترجمها، وهي على وفق الآتي:
العنوان: تعريف بهيئة الإعلام والاتصالات
الموقع: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى – The Washington Institute for Near East Policy
الكاتب: مايكل نايتس، حمدي مالك، كريسبن سميث
التاريخ: 15-أيار-2023
كذلك وضع المعهد ربطًا بين مسار الهيئة الجديد، وبين الدكتور فائق زيدان (رئيس مجلس القضاء الأعلى).
ثالثًا: شركة المهندس العامة للإنشاءات والهندسة والمقاولات الميكانيكية والزراعية والصناعية.
أي: شركة الحشد الشعبي.
هذه الملفات الثلاثة، ستكون عنوان مرحلة الضغط الأميركي المحلي على الإطار التنسيقي والمقاومة، نقول (المحلي)؛ لأنَّ أميركا الآن، ليست بصدد ربط العراق بقضية إقليمية، لأسباب لا يناسب المقام ذكرها الآن.
2- السفيرة الأميركية في العراق (ألينا رومانوسكي)
نشرت السيدة رومانوسكي يوم الثلاثاء: 6-حزيران-2023، تصريحات، في محاولة منها لترميم ما شوَّهه لها السيد نايتس؛ على وفق الصبغة الآتية:
أولًا: مسألة تغيير نظام الحكم تعود للعراقيين أنفسهم، وانا تركيزي ينصب على توسيع اتفاقية الإطار الاستراتيجي سنة 2008 بين أميركا والعراق؛ بما يتجاوز الأمن إلى علاقة شاملة تحقق النتائج للشعب العراقي.
ثانيًا: نسعى لترسيخ استقلال الطاقة في العراق، وتنمية القطاع الخاص، وتحسين مستوى الخدمات العامة، وتوسيع العلاقات بين الشعبين.
ثالثًا: أجدد دعم أميركا لجهود الحكومة العراقية، والمصرف المركزي العراقي؛ الرامية لمكافحة الفساد وغسيل الأموال.
رابعًا: أنا سعيدة لمستوى التعاون مع رئيس الوزراء السوداني، وهناك توافق بين البيت الأبيض والقصر الحكومي العراقي؛ على استقلال الطاقة، ودعم نمو القطاع الخاص.
انتهى
النتائج:
1- الدولة العميقة في أميركا، لا تهتم بأي تغييرات لمصلحة الغرب تحققها (حكومة الإطار التنسيقي)؛ لأنها تراها (حكومة المقاومة).
2- السفارة الأميركية في العراق، لا تمثل السياسة الخارجية للدولة العميقة في أميركا، فهذه رومانوسكي تحاول أن تتدارك ضغط الدولة العميقة، الذي سلَّطه مايكل نايتس.
3- الدولة العميقة في أميركا، لا تتأثر في رأي الفصيل المسلح؛ عندما يقرر الدخول في الحكومة وتأجيل خطاب المقاومة مرحليًّا، لأنَّها تدرك جيدًا، أنَّ الرأي الأخير سيكون لصوت المقاومة المرتفع الذي يتمتع بحاضنة جماهيرية وتفويض شعبي، ويدرك السيد نايتس -مستشار الدولة العميقة- المحركات الفاعلة للمقاومة؛ أين تعمل وكيف.