شؤون اقليمية

ماذا ننتظر من قطر؟

  بقلم : عباس سرحان

حظيت الزيارة السريعة التي قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى العراق باهتمام من قبل متابعين وأثارت تساؤلات حول اهميتها وعن مدى ما يحققه العراق من تنمية علاقاته مع قطر، وذهبت بعض الآراء الى إحاطة هذه الزيارة بشيء من الريبة .

المرتابون يعتقدون أن لدى قطر مشروعها الاقليمي وهي تبحث عن توسيع نفوذها لتكون حاضرة في المناطق الرخوة، ويؤكدون أن كل الساحات التي لعبت فيها قطر تسببت باضطرابات دامية ومزقت الدول التي تدخلت فيها .

ويستشهد المرتابون من الدور القطري بما حدث في ليبيا ومصر وسورية، ويعتقدون أن تحرك قطر نحو العراق يندرج ضمن أولوياتها التي حولت هذه الدول الى ساحات للحرب الاهلية ولا يهدف الى تنمية علاقات متوازنة مع العراق.

ومع أهمية التحفظات التي يثيرها الحذرون من الدور القطري وجدّية الحجج التي يسوقونها وواقعيتها. لكن تبقى العلاقات الطبيعية بين الدول هي القدر المحتوم، فلا يمكن للعراق أو لأية دولة أن توصد أبوابها الى الابد بوجه الدول الاخرى وتعيش بمعزل عنها.

فحتى في زمن الحروب أبقت العديد من الدول المتحاربة على نوافذ دبلوماسية مفتوحة بينها ولم تقطع علاقاتها البينية بشكل تام لإدراكها بأهمية التواصل وتبادل الرسائل المباشرة.

هناك مصالح متبادلة بين جميع الدول يفرضها الموقع الجغرافي والاهمية الاقتصادية والأنشطة الانتاجية والبشرية لكل دولة، والشاطر من يتمكن من ترتيب اوراقه ليضع مصالح بلاده في المقدمة ويحقق ما يمكن تحقيقه منها في اية علاقة مع الدول الاخرى.

وأفضل وسيلة لتنمية العلاقات بين الدول وتحقيق المصالح المتبادلة هي الدبلوماسية، والحكومة، اية حكومة يجب ان “تتمتع بفن تمثيل مصالح البلاد لدى الحكومات الاخرى، والعمل على ألا تنتهك حقوق ومصالح وهيبة الوطن في الخارج”.

فلو افترضنا ان قطر تطمح للاستثمار في مجال استخراج الغاز العراقي، أو أنها تبحث عن مسار لأنبوب ينقل غازها نحو اوروبا يمر عبر العراق.

فهذه من المصالح المشروعة لقطر، ويتعين على الجانب العراقي أن ينظر الى هذين الملفين على انهما فرصة مثالية لتحقيق مصالح عراقية بالتفاوض قبل ابرام اتفاقية ثنائية تحقق لقطر ما تصبو اليه.

ومن الطبيعي ان كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها وفن التفاوض هو الذي يخلق في النهاية توازنا مقبولا في مصالح  المتفاوضين.

لكن من غير الطبيعي ان تسعى قطر او غيرها من الدول للتأثير على القرار السيادي العراقي أو تتدخل في شؤون داخلية من اختصاص العراقيين وحدهم، كما من غير الطبيعي ان تدعم أو تموّل جهات سياسية تكون مرتبطة بها سياسيا وتنفذ قرارها وموقفها في الداخل العراقي.

فهذا مما يوصف في القانون الدولي بـ”التدخل السافر في الشؤون الداخلية” وهو عمل مرفوض ولا تقبله أية دولة مهما كان مستوى المشاكل والازمات الداخلية التي تعاني منها.

وقطر نفسها لا تقبل بتدخل الدول الاخرى في شؤونها وهي تدرك فداحة التدخل الخارجي في شؤون الدول، ومن هنا فما ينتظره العراقيون من قطر وهي دولة اقليمية مهمة اقتصاديا وسياسيا هو اقامة علاقة تقوم على  الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وترسيخ مبدأ التوازن القائم عل الإخوة والاحترام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى