عملية الدرع والسهم الإسرائيلية : هل تفجير الأشياء يُعَدُّ إستراتيجية؟
متابعة وحدة الرصد والترجمة / مركز تبيين للدراسات
خاضت إسرائيل حروبًا عدة مرات في السنين السبع عشْرَة الماضية؛ إذ (انتصرت) تكتيكيًا، لكنها لم تحقق شيئًا يذكر في الصورة الإستراتيجية على المدى البعيد، ويعود سبب ذلك إلى استخدام قواعد اللعب نفسها؛ أي: تفجير الأشياء أو الناس، ومع ذلك، إذا استخدمت إسرائيل قواعد اللعبة نفسها التي استخدمتها سابقًا؛ فكيف تتوقع أن تحصل على نتيجة مختلفة؟
قتلَ الجيشُ الإسرائيلي قادةً ومقاتلين كبار من الجانب الآخر، في نزاعات كبيرة سابقة مع حزب الله وحماس، ومؤخرًا؛ في عدة مواجهات مع الجهاد الإسلامي؛ إذ أُطلِقَ فيها مئات الصواريخ أو أكثر على إسرائيل، في وقت قصير، كما حصل في صراعات: 2006، 2008، 2009، 2012، 2014، تشرين الثاني 2018، أيار 2019، تشرين الثاني 2019، شباط 2020، أيار 2021، آب 2022؛ ومع ذلك، أخفقت الهيمنة التكتيكية للجيش الإسرائيلي في منع الجانب الآخر من إطلاق عدد كبير من الصواريخ، على أنحاء الجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية جميعها؛ إذ تبيَّن الإخفاق سواءٌ أفي تقليل عدد الصواريخ، أم في وصولها إلى المدن الكبيرة خارج قطاع غزة.
لماذا لا تستطيع إسرائيل ردع المجموعات الإرهابية في غزة عن إطلاق الصواريخ؟
لا شكَّ أنَّ حركة الجهاد الإسلامي، لا يمكنها أن تلحق ضررًا بإسرائيل كما تفعل حماس، ومع ذلك، إذا كان على إسرائيل أن تقاتل المجموعة الإرهابية الأضعف في غزة أربع مرات في أقل من أربع سنين؛ فما مقدار ما أنجزته إسرائيل حقًا؟
تحولت عقلية المسؤولين الإسرائيليين الكبار، بعد مواجهات سنتي (2006، 2014)، من إخبار الجمهور أنَّ الجيش الإسرائيلي يمكن أن يحقق (نصرًا) حاسمًا؛ إلى الحديث عن «استعادة الردع» وحسب، ومع ذلك، كانت الفكرة آنذاك هي الردع الكامل للجماعات الإرهابية في غزة جميعها، لكن إسرائيل الآن لا تستطيع حتى ردع الجهاد الإسلامي، المجموعة الأضعف [من حماس] في غزة، مدة سنة أو نحوها، بعد كل صراع؛ لذا، يمكن أن تخرج إسرائيل بسهولة من هذا الصراع، بعد أن (انتصرت)، كما حصل في آب 2022، وبعض الجولات الأُخَر، لكن دون قدرة حقيقية على ردع الجهاد الإسلامي؛ عن خوض جولة أخرى في المستقبل القريب.
إرهاب الضفة الغربية ووكلاء إيران
مع أنَّ جيش الدفاع الإسرائيلي كان يقاتل ببسالة، لكنه لم يتمكن من إنهاء موجات الإرهاب التي بدأت في الضفة الغربية، في آذار 2022. الاتجاه مُقلق داخل الضفة الغربية؛ إذ فقدت السلطة الفلسطينية السيطرة على جنين ونابلس مدة طويلة؛ فهل يمكن أن يؤدي هذا إلى سيطرة حماس الكاملة على الضفة الغربية؟
زيادة على ذلك، يواصل وكلاء إيران في سورية ولبنان؛ محاولة اختبار دفاعات إسرائيل وقدرتها على الثبات، ولعل القضية الأهم، أنَّ الصورة الإستراتيجية العامة، بحسب تقويمات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أنَّ الجمهورية الإسلامية، بجعبتها أدوات أكثر؛ لخلق المشكلات لإسرائيل، وهي تشعر بثقة أكبر مؤخرًا، ومن المُرجَّح أن تدفع وكلاءَها في سنة 2023؛ لبدء صراعات أكثر جرأة مع إسرائيل، من الصراعات التي خاضوها سنة 2022.
ما الذي يَحْدث الآن وما الذي يَحْدث لاحقًا؟
كانت محاولة الجيش الإسرائيلي، سنة 2014، المرة الوحيدة في العقد الماضي التي حاول فيها الجيش أن يوقف اطلاق الصواريخ باجتياح غزة، لكنه كان اجتياحًا محدودًا جدًا، ولبضعة كيلومترات وحسب، ثمَّ بحثت الحكومة والجيش الإسرائيلي في نهاية المطاف، عن هدف جديد يمكن أن يقدموه للجمهور؛ لحفظ ماء الوجه وإنهاء العملية، فأعلنوا تدمير الأنفاق التي تستخدمها حماس لتنفيذ هجماتها، لأنهم ببساطة، لا يمكن أن يوقفوا إطلاق الصواريخ!