ثقافيةعراقية

مبادئ ومحددات العلاقات الدولية في الإسلام.. دراسة مقارنة

الكاتب : عمرو عبد العزيز

مبادئ ومحددات العلاقات الدولية في الإسلام.. دراسة مقارنة

تقديم : إلهام جبر شمالي

الكتاب: “هلال السيادة.. الإسلام ونظم العالم
الكاتب : عمرو عبد العزيز
الناشر: مؤسسة أركلن للدراسات والأبحاث والنشر، الطبعة الأولى، 2020م


تناقش هذه الدراسة أسس نظرية العلاقات الدولية في الإسلام ومبادئها، وبيان جلال تلك النظرية؛ إذ هي فوق الواقعية التي لا تلزم معياراً أو مثالاً، والماركسية التي تختزل العوامل، وترفض كل موضوع غير المادة، والليبرالية التي هي نفاق يوتوبي والبنائية المضطربة بالنسبوية، وبيان كيفية إيالة الواقع السياسي الدولي بالإسلام، وبحث الدوافع المحركة للفعل السياسي الدينية منها والتحسينية، فالنظرية الإسلامية تمثل أنموذجا بديعا، كونها مستقلة عن غيرها من الأطروحات والحوارات الأجنبية، ولها منطق خاص لا يجتمع في نظرية دولية واحدة، فحتى إن شاكلت إحدى النظريات في وجه، لا تنفك عنها في مخالفتها للعديد من الأوجه الأخرى، وحجم المخالفة بينها وبين غيرها أضخم من حجم المماثلة والتشابه.

الكاتب في دراسته لا ينكر مادة النظرية السياسية الدولية بأفرعها، ولا يبخس أدوات تحليل السياسات الخارجية المتبعة حقها، إنما يتحدث بمستوى الخلفية الفكرية، النظرية والفلسفة التي تطبق فيها الأدوات العلمية على الواقع الدولي، وعن دراسته.. يقول: “الإسلام يحوز لباب النظريات تفسيراً، غير أنه أوفقهم في إرشاد كيفية بناء قوة عظمى، بل أحسب أن نظرية الإسلام في مبادئها الكبرى، بموافقتها للسنن الإلهية في الكون، لم تزل تستن بها كل القوى العظمى، منذ بدء الخلق إلى قيام الساعة؛ فالحاذق بالسنن الإلهية ترضخ له الدنيا سهواً ورهواً” .

طرح عبد العزيز مفهوم الدين واستخدامه في العلاقات الدولية، وحاول بيان كيفية إيالة الواقع السياسي الدولي بالإسلام، وبحث ثراء هذ الدين كمفسر ومنشئ لنسق تلك العلاقات، وفرادته كنظرية مفسرة وموجهة معاً، وعرض فيه مفهوم الدين عامة، ومفهوم الدين العلماني خاصة، واعتمد الكاتب في تعريفه للدين على تعريف روبرت بيللا بأنه “مجموعة من المعتقدات والرموز والطقوس، متعلقة بأمور مقدسة، ومؤسسة في الجماعات”، ومن ثم انتقل للتعريف الاجتماعي للدين بأنه “ظاهرة اجتماعية ناشئة عن علة نفسية شعبية، والمشترك بين الأديان ليس الروحانيات والخوارق غير الطبيعية، ولا حتى وجود إله، إنما تضافر جمع من الاعتقادات المتعلقة بالأشياء المقدسة”، ص 8.

أما في تعريفه للدين العلماني، فقد قسم الأديان إلى نوعين: حقيقية أو إلهية، وعلمانية، ويقصد بالدين العلماني هنا “أنظمة متفاوتة التطور من المعتقدات والأساطير والطقوس والرموز، التي تضفي هالة من القداسة حول كيان ينتمي إلى ذلك العالم، محولة إياه إلى معبود يستحق العبادة والإخلاص”، وهذا مصطلح يستخدم مرادفا للدين المدني أو الحضاري الذي تحدث عنه روسو، وسرى في الكتابات الليبرالية، ويدل على دين للدولة ذي أساس أخلاقي علماني يخالف الأساس الأخلاقي المسيحي، بل يناقضه.. ولكن كيف يناقضه يجيب الكاتب: “يتضح ذلك بصورة أكبر في طرح اللاهوتي الألماني الليبرالي تروتز رينتورف، الذي يرى أن المسيحية غير الكنيسة؛ فالمسيحية طريقة اجتماعية للحياة فصلت نفسها عن الكنيسة ومؤسساتها وحولت ذاتها إلى منظومة أخلاقية علمانية لمجتمعات أوروبية حديثة، ديمقراطية ليبرالية النظام”. ص10.

النظرية الإسلامية تمثل أنموذجا بديعا، كونها مستقلة عن غيرها من الأطروحات والحوارات الأجنبية، ولها منطق خاص لا يجتمع في نظرية دولية واحدة، فحتى إن شاكلت إحدى النظريات في وجه، لا تنفك عنها في مخالفتها للعديد من الأوجه الأخرى، وحجم المخالفة بينها وبين غيرها أضخم من حجم المماثلة والتشابه.

رأى رونالد بينر في الدين المدني بأنه استيلاء السياسة على الدين لتنفيذ أغراضها الخاصة، أي أنه هنا ينفي الانفصال والتضاد الذي زعمه روسو، بل يؤكد على أن المسألة في حقيقتها ليست سوى انتقال الدين من خانة المهيمن على السياسة إلى خانة المهيمن عليه، فهو رأى بأن لليبرالية علاقة وثيقة بالدين المدني” فإذ كان هدف مشروع الدين المدني هو تدجين الدين في ضوء الاحتياجات السياسية؛ فستكون التقاليد الليبرالية برمتها شبه متحالفة مع هذا المشروع”.

وفي طرح للعلاقة بين الدين والسياسة، يرى في الأديان أساس الدوافع الموضوعية الكبرى للحراك السياسي العالمي بين الوحدات المكونة له سواء أكانت دولاً حديثة معاصرة أو امبراطوريات وممالك قديمة، ونظرية الإسلام لم تقسم وحدات العالم إلى قوميات أو أعراق، ولكنها قسمتها إلى أديان أولاً وإلى موقفها مع المسلمين ثانياً، فهناك دار الإسلام أو دار الكفر، ودار سلام أو دار حرب، دولة مسيحية مقاتلة، ودولة مسيحية معاهدة، ص17.

يؤكد الكاتب أن هذا الكتاب لا يعني معارضته لأدوات التحليل السياسة الخارجية الأكاديمية المتبعة، فالظن أن الاعتماد على التحليل السياسي الإسلامي يعني تجاهل باقي أدوات التحليل غير المتعارضة، كأداة الجيوبوليتيك وأداة المصالح، يعد وهم بل لا يسقط كافة تلك العوامل من أجل الاعتراف بالأداة الدينية وحدها إلا غلاة المتطرفين من مستخدمي التحليل الديني والإسلامي.

أوضح الكاتب كذلك الأسس الدافعة والمحركة للفعل السياسي، التي هي إما دينية، وإما تحسينية، على اعتبار أن عامل الدين الرئيس هو العقل، وعامل التحسين الرئيس هو النفس، والأساس الأول لذلك هو العامل الموضوعي، فالعالم مقود بمنتوج العقل، والدافع السياسي إما موضوعي عامل فوق البشر، وهو مجال الألباب من فكر وفلسفة وما يصفونه بالأيدولوجيا والأديان جامعة للكل، وإما نفسي زمامه ما فطر عليه البشر.

اقتضى ذلك فهم الحراك العالمي، وتحليله معرفة هويات وأصناف الأديان المشاركة في ذاك الحراك، ولا يكون ذلك إلا بمعرفة صحيحة لدين كل دولة، وحجم تأثيره، وفي تصنيفه للأديان يقول” ليست أديان الدنيا في ذات المكانة ولا الصورة، وقد صنفها الله سبحانه وتعالى لنا، وحدد نمطاً من السلوكيات يدفع أتباعها في علاقتهم مع المسلمين فيقول الله عز وجل: ” لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا”، فهذا دليل على أن الأديان متفاوتة الشدة في العداء للإسلام وليست متساوية، وبالتالي سلوكيات أتباعها وأنماطهم متباينة، والدليل بحالة الهند؛ فالصين وبورما قد ذاعت فضائح اضطهادهم للمسلمين!… ألا ترى كيف صعد حزب (بهاراتيا جاناتا) الهندي إلى كرسي الحكم في الهند بأجندة لا يوجد بها إلا هدم المسجد البابري؟ وكيف استولى على قلوب الناس بمجرد حملة راما ماندير المعادية للمسلمين، ثم تفجيره المسجد الذي أعقبه سيطرته على اللوك سابها ـ مجلس الشعب الهندي ـ …. ولا يكاد يمر شهر الآن دون حادث قتل لمسلم بسبب تعامله مع اللحوم! ويقول الكاتب: أنت ترى أديان الشرك في الهند والصين وميانمار تخوض كلما واتتها الفرصة حرباً لا تبقي فيها المسلمين ولا تذر، وبما يفوق صنيع مسيحي الغرب على إجرامهم وسفولهم” وكذلك الحال بالنسبة لليهود الذين يعتبرون الأغيار أدنى من البشر، وأنهم الشعب المختار بموجب التوراة. ص32.

ومن ثم صنف الأديان إلى الأديان العلمانية، المتمثلة في الفلسفة والأفكار والأيدولوجيات التي تفسر مكونات ومفردات الواقع تبعاً لمعادلة عقلانية مادية دنيوية، منها: أديان الإلهية الشركية، وهي إنسانية وضعية اتخذ صورة القداسة الغيبية، كالبوذية والكونفوشيوسية وهي تؤمن بإلهة لكنها تجعل لها شركاء أو أنداداً، أو تلحد في صفاته وصوره وعنها قال الله تعالى “سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ” .

لا يوجد فاعل سياسي ـ فرعي أو جماعي ـ إلا وله دين سواء كان مركباً أو بسيطاً؛ وعليه لا توجد دولة بلا دين، وهو مصطلح يجمع كل ما ارتقى في السلطة السياسية أو المجتمعية إلى أن يكون معتقداً للدولة.

أما الأديان الإلهية المحرفة ” الكتابية” وهي شبه إلهية ـ شبه إنساني امتزج فيها الحق بتحريفات الأحبار والقائمين على الديانة، الذين أفسدوا فيه بالحذف والإضافة، فلم تعد صالحة لتمثيل الإله وتتجسد في اليهودية والمسيحية، وعنها يقول الله سبحانه وتعالى: “وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُون”، في حين الدين الإسلامي هو الدين الإلهي، كيف لا وهو رباني خالص، تتفاوت الأفهام في كشف جوانبه وكيفية تنزيله لكنها تتفق على قداسة نصه ومصدر، ولا يوجد سوى الإسلام وحيداً في هذا الصنف، ص34.

يضيف هنا الكاتب: كلما قلت الأقطاب الثنائية أو الأحادية كلما ارتفع العامل الديني في الصراع، وكلما زادت الأقطاب، زاد وجود العامل النفسي ومثال ذلك الدولة الإسلامية في قرونها الأولى كانت القطب الأكبر عالمياً، والمجموعة الأوروبية المسيحية، القطب الثاني في الأرض، حيث كان العامل الديني الإلهي في أوجه، الإٍسلام ضد المسيحية وكذا الدولة السوفيتية والدولة الأمريكية أثناء ازدهار الحرب الباردة، حيث كان العامل الديني العلماني في أوجه الشيوعية ضد الليبرالية ص60.

تحرير الإسلام لا تحرير الدعوة

فرق الكاتب بين تحرير الدعوة الدينية وبين تحرير الدعوة الإسلامية، واعتبر أن هناك عبثا كبيرا من العلامنة، انتابه التدليس والتلفيق والجهل عند البعض منهم، واضطرب فيه الإسلاميون الذين تأثروا بهم “إن تحرير الدعوة مصطلح عام، يلائم الإطار الليبرالي الزاعم، فتح باب كافة الحريات الدينية وغير الدينية، فيهما أمرين أولهما: أن الإسلام حاض على تبني حرية الدعوة المطلقة، وثانيهما: أن الفتح الإسلامي لا يكون إلا لحماية الأقليات المسلمة التي تضطهد من وحدة سياسية كافرة”، فتحرير الدعوة خاص بالإسلام وحدة ولا علاقة له بباقي الدعاوي الضالة، ولا يقدم الإسلام تلك الحرية في دولته، حتى يطلبها من غيره،  ص65.

أما أهم المبادئ الرئيسية والفرعية لمقدمات فقه التعامل السياسي عامة، والدولي خاصة، فقد حصرها عبد العزيز في ثلاثة مبادئ هي التدافع، السيادة، الوحدة:

أولاً ـ مبدأ التدافع:

المبدأ الرئيس في الكون كله، فمراد الله السلام، وسبيل تحقيق السلام توحيد القيم والمعايير، وتعارف الشعوب للتسليم بسلطانه في أمة واحدة استناد لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ”، والتدافع سنة للتغيير، والتغيير قد يكون خيراً أو شراً، فالمجتمع المتحرك الديناميكي يفضل المجتمع الساكن، إن أحسن الناس إدارة ذاك التدافع، فمجتمع قائم على الجهاد والعلم كوسائل حيازة السلطان، خير من مجتمع سكوني معتمد على سلالة فاضلها كفاسقها، ضامن لرتبته بالوراثة؛ لذا لا يوجد أبغض من الأنظمة الملكية، التي هي أصعب من الديكتاتوريات العسكرية التي تسمح بانقلاب طبقي، وبروز لأشخاص من بيئات فقيرة ومتنوعة؛ بينما النظام الملكي الكريه يغلق طبقة عليا على من فيها ويجعلها شبه إلهية! ص104.

ثانيا ـ مبدأ السيادة أو الهيمنة:

وهو من أهم مبادئ النظم السياسية الإسلامية، بل والإنسانية عامة، والسيادة في عالم السياسة، قدرة السلطة أو الحكومة على الحكم باستقلالية” الإسلام يدعو في ظرف دولي مطلقاً إلى تضخيم القوة العسكرية بالصورة الكافية لتحقيق استقلالية القرار، ومنطلق كافة العلاقات مع محيطه “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ”، والهيمنة مطلوبة في الصلح أو الضم بينما السيادة مختلفة، كونها مضمونة للأمة الإسلامية على أقاليمها، ومنقوصة للأمة الكافرة بقدر أخذ المسلمين منها من جهة، وتكون السيادة كاملة للأمة الإسلامية، ولا توجد أمة كبرى على وجه الأرض لا تنشد السيادة ولوازمها، والدولة الإسلامية هنا أداة خدمة الدعوة؛ إذ مبدأ قيامه دين وسيادته هو انشاء الوحدة السياسية التي تنشأ فيها أجيال الإسلام جيلاً تلو الآخر من أجل الفتح المستمر، والحفاظ على الدعوة وتمكنيها بنشر السيادة والحفاظ عليها ص106.

ثالثاً ـ مبدأ الوحدة:

يعني وجوب الوحدة بين المكون الاجتماعي والسياسي والأخلاقي، وهذا يتحقق بسبيلين: أولهما توحيد المعيار القيمي والأخلاقي للفواعل المجتمعية والسياسية، وثانيهما توحيد الأمة نفسها.

كما عرض الكاتب بشيء من التفصيل نظرية الإسلام لنظم العالم، وطرح فيها نظرية الإسلام الدولية والمتمثلة في:

1 ـ أن العالم السياسي مكون من فواعل فردية وجماعية، تبدأ في الإسلام من الفرد وتنتهي بالدولة، وليس فيه إمكان نشأة فاعل سياسي فوق دولي، مؤسسي مشترك دائم مع الدول الأخرى، فلا بد من التحالفات المؤقتة، أما الأمم المتحدة ونظراؤها المؤسسون على الجماعاتية؛ فلا يرتضيها الإسلام، إذ لا يوجد مفهوم للأمن الجماعي الدولي الدائم فيه.

2 ـ أن البينة الدولية تنافسية وصراعية، لا يمكن نظمها في الواقع ما دام بقي الصدام بين الخير والشر.

3 ـ أن الدولة الإسلامية هي فاعل النظرية الإسلامية الرئيسي في الساحة الدولية، وهي وعاء جماعة المسلمين، وهي تتعامل مع العامل كمجموعة من الدول المنافسة والمصارعة.

4 ـ لا يوجد فاعل سياسي ـ فرعي أو جماعي ـ إلا وله دين سواء كان مركباً أو بسيطاً؛ وعليه لا توجد دولة بلا دين، وهو مصطلح يجمع كل ما ارتقى في السلطة السياسية أو المجتمعية إلى أن يكون معتقداً للدولة.

5 ـ  أن عوامل الحركة في النطاق العالمي تنقسم إلى قسمين كبيرين الأول ديني وهو في أصله مشترك بين الدول والمجتمعات كافة، والثاني نفسي، وهو في أصله وفرعه مشترك كذلك بين الدول والمجتمعات والبشر، بغض النظر عن الدين فلكل كائن له شهوات وأطماع تكون عاملاً له في الحراك السياسي، سواء كان الكائن هو الإنسان أو المجتمع أو الدولة ص125.

وفي ختام دراسته يقول عبد العزيز: “النظرية الإسلامية مستقلة بذاتها عما عداها من أطر وأطروحات وحوارات نظرية غربية، ولها منطق خاص بها لا تستقل به نظرية غربية واحدة، وما إن تشاكل إحدى النظريات في وجه، حتى تخالفها في العديد من الأوجه الأخرى، فحجم المخالفة بينها وبين غيرها من النظريات أضخم من حجم المماثلة”، ومثال ذلك حينما تشاكل النظرية الخضراء في أصل وجوب حفظ الإنسان للأرض وإعمارها وعدم تخريبها، ثم كيف تفارقها في باقي الأصول كنبذ القوة وتحقيرها مطلقاً، وعداء مركزية الإنسان ومفهوم الاستخلاف الإلهي له في العالم، بل تناقضها بمفهوم تسخير الطبيعة للإنسان، الذي يقابله مفهوم عداء نظر الإنسان للطبيعة ومخلوقاتها كوسائل لحسن معاشه، أو ما يسميه الخضر رفض الوسائلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى