منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار أمريكا وحلفائها بدأت الدول المنتصرة خصوصاً أمريكا من جهة والاتحاد السوفيتي من جهة أخرى صراع جديد فيما بينها وهو صراع النفوذ وفرض رؤيتهم المختلفة على العالم وصل الاستقطاب الشديد فيما بينهما لحافة الحرب لكن استطاعت الدولتان التحكم في هذا الصراع واستخدام كل الوسائل المتاحة عدى المواجهة العسكرية المباشرة ليتكلل الصراع بانهيار الاتحاد السوفيتي وتربع أمريكا على قيادة العالم أو ما يعرف بقيادة القطب الواحد.
واستمرت الهيمنة الأمريكية دون منازع حتى بدأ الصعود الصيني والنجاح الاقتصادي الكبير التي لم توقف عجلة تقدمة اي شي.
الصين لم تعلن صراحة سعيها لقيادة العالم.
لكن ما يتوقعة المحللون وخبراء السياسة هو تراجع الهيمنة الأمريكية على حساب دول أخرى وبالذات روسيا والصين والرغبة في قصقصة أذرع أمريكا الممتدة في مناطق تعتبرها الصين وروسيا مناطق نفوذ لهما.
وبدأ هذا الصراع يظهر جلياً مع التقدم والتطور الكبير للصين عسكريا وزيادة الميزانية العسكرية وفي الصناعات الحربية مثل الصواريخ الفرط صوتية التي تمتلكها الصين بعد روسيا و تأخر الولايات المتحدة الأمريكية في امتلاك هذه التكنولوجيا وإعلانها صراحة فشل تجربتها الأخيرة في اختبار صاروخ فرط صوتي واقتصادياً ونمو اقتصاد الصين بشكل كبير وتوقع أن يتجاوز الاقتصاد الصيني الاقتصاد الأمريكي بسنوات قليلة.
ايضاً الصراع والنفوذ السياسي على دول تدور في فلك أمريكا وتعتبر من أقرب حلفاء أمريكا كالسعودية والإمارات ونجاح الصين في جذب وإمالة تلك الدول بجانبها وتكلل في رعاية اتفاق بين السعودية وإيران وإعلان السعودية الانضمام لمنظمة شنغهاي.
من الواضح أن مراكز القوة تتغير والهيمنة الأمريكية تتأكل والعالم لم يعد يقاد من قطب واحد والسؤال هنا
أين العراق مما يجري من تحركات دولية وتكتلات عالمية وظهور عالم متعدد الاقطاب لا يدار من امريكا فقط فهل يستطيع العراق معرفة مصالحة ويستفيد من الصراع الصيني الأميركي ام يبقى جامداً في مكانة ومتفرجاً.
فعندما يتحرك حلفاء أمريكا في المنطقة باتجاه عدو أمريكا الأول في الوقت الحاضر وهي الصين بالتأكيد هناك مؤشرات كبيرة بأن أمريكا بدأت تفقد زعامتها للعالم وأن البقاء مع أمريكا ووضع كل البيض في سلتها هي صفقة خاسرة وإلا لماذا هذا التوجة من قبل السعودية التي مضى على تحالفها التاريخي مع الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من ثمانين عاماً اذا لم تكن تدرك ان أمريكا اليوم ليست أمريكا قبل عشرة سنوات وأن حضورها في منطقة الشرق الأوسط هو حضور شكلي لا أكثر وأن قوتها وعظمتها تتأكل لصالح روسيا والصين اللتان يربطهما تحالف قوي و يجمعهما العداء لامريكا الصين التي تمتلك الاقتصاد والتكنولوجيا وروسيا التي تمتلك النفط والغاز والصناعة العسكرية بالتأكيد لن تستطيع أمريكا التي وصلت لمرحلة الشيخوخة مجاراتهم خصوصاً أن الأساليب التي استخدمتها أمريكا لهزيمة الاتحاد السوفيتي في السابق لن تجدي نفعا في الوقت الحاضر مع الاقتصاد الصيني القوي.
إذ أعلنت السعودية أنها ستنضم لمنظمة شنغهاي التي تتزعمها الصين بصفة شريك، وتضم المنظمة ثماني دول على رأسها روسيا والهند وباكستان وكازاخستان، وكل من إيران ومصر وقطر بصفة مراقب.
منظومة شنغهاي البديل الصيني عن المنظمات العالمية التي تسيطر عليها أمريكا.
إن المعنى الحقيقي لما يجري من تغيير في التحالفات عالمية هو أن هناك عالم ينهار و عالم جديد ينهض على أنقاض عالم القطب الواحد عالم الهيمنة الأمريكية لكن مازال العراق متردد باتخاذ الخِيار الصّحيح الذي يخدم مصالحة لذلك لا ينبغي التفريط في مصالح العراق وقراءة الأحداث بصورة صحيحة من أجل الحصول على المكاسب الكبيرة من هذا النظام العالمي الجديد والحذو كما السعودية وإيران اللتان قررتا الانضِمام إلى المنظمات التي تقودها الصين وروسيا.
والاستفادة من الامتيازات التي تقدمها الصين مثل مبادرة الحزام والطريق وهي احياء فكرة طرق التجارة القديمة بين الصين ودول العالم وضخ مليارات الدولارات في البنية التحتية التي يتم ربطها في هذا الطريق والعراق مؤهل بشكل كبير نتيجة موقعة الجغرافي المهم للانضمام لهذه المبادرة.
إن معظم دول العالم تتجه بأتجاه الصين وتدير الظّهر لأمريكا وعلى العراق الالتحاق بركب العالم الجديد و أن لا يكون حالة شاذه.