قررت مجموعة من الدول المنتجة للنفط خفض الإنتاج طوعيا بالتنسيق مع عدد من الدول التي شاركت بإعلان التعاون من أعضاء منظمة أوبك ومن خارجها، اعتبارا من شهر مايو وحتى نهاية العام.
روسيا ستنفذ خفضا طوعيا في إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا، والسعودية أيضا ستخفض ما مقداره 500 ألف برميل يوميا، والعراق 211 ألف برميل يوميا، الامارات 144 ألف برميل يوميا، الجزائر 48 الف برميل، الكويت 128 ألف برميل يوميا، عمان 78 الف برميل.
للقرار اثار على المستويين السياسي والاقتصادي وعلى أطراف عدة منها الدول المستهلكة للنفط والدول المنتجة له وعلى العراق بوجه خاص وخصوصا على موازنته، والسبب في تلك الاثار هو في غضون اقل من ساعة ارتفع سعر خام الإشارة برنت 6 ست دولارات.
الجزء الأول: الجانب الاقتصادي
أولا: تأثير القرار على العراق (موازنته)
1- تأثيره على الحكومة
ان العراق يقوم بتصدير ما معدله تقريبا هو 3500 ألف برميل يوميا، مع صادرات الإقليم والتي من المقرر ان تكون 400 ألف برميل يوما (حسب ما مثبت في مسودة الموازنة) وحيث ان سعر برميل النفط قبل يوم من القرار هو بحدود 79 دولار لخام الإشارة برنت ووصل الى 85 دولار للبرميل الواحد.
في حال ان الأمور مضت طبيعية ولم يتم اتخاذ القرار وان السعر بقي ثابت لنهاية العام (هذا شيء مستحيل) فستكون الإيرادات النفطية هي (276.5 مليون دولار يوميا) و(66.3 مليار دولار في نهاية السنة)، واما الان بعد تخفيض 211 ألف برميل يوميا ولكن ارتفع السعر العالمي لخام الإشارة فستكون اجمالي الإيرادات النفطية اليومية للعراق هو (279.56 مليون دولار يوميا) و (67 مليار في نهاية السنة).
وحيث نلاحظ ان الإيرادات النفطية زادت ثلاثة مليون دولار يوميا نتيجة هذا القرار وزادت بحدود المليار دولار لبقية السنة وبالتالي ان القرار يصب في صالح الاقتصاد والموازنة العامة الاتحادية.
2- تأثيره على المواطن
عادة ما ان المواطن البسيط لا يلتمس أي تغيير ملحوظ على وضعة المالي ان زادت إيرادات الدولة او انخفضت، بل في حال الانخفاض ربما تذهب الدولة الى استقطاع جزء من رواتب الدولة وكما حدث ذلك في أيام داعش وانخفاض سعر برميل النفط وكذلك سيؤثر سلبا الارتفاع على المواطن كون ان الأسعار العالمية للسلع هي سترتفع بفعل ارتفاع النفط وان العراق في كل سلعه وبنسبة تصل الى 100 % من احتياجاته هي مستوردة وبالتالي سيتضرر المواطن.
ثانيا: تأثير القرار على الدول المنتجة
وضحنا في مثال العراق وهو أحد الدول المنتجة للنفط المهمة لأنه ثاني أكبر منتج داخل منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، وكيف ان القرار رفع من حجم ايراداته النفطية.
ثالثا: الدول المستهلكة للنفط
سيكون تأثير خفض انتاج النفط بهكذا كمية مضاعفا على الدول المستهلكة وذلك لان سعر المحروقات ستزيد وبالتالي النقل سيرتفع وكذلك سعر السلع.
الجزء الثاني: التأثير السياسي
أولا: العراق
1- هي خطوة مهمه تعتبر للعراق بانه قدم مصلحته على مصلحة أمريكا والغرب.
2- هي خطوة تقربه من المحور الشرقي وخصوصا ان الكفة تميل باتجاهه يوم بعد يوم، وان العراق يصدر معظم نفطة الى الصين.
3– تعتبر من خطوات توازن القوى في تعامل العراق بين الشرق والغرب.
4- ان الدول المنتجة المهمة وخصوصا السعودية اتخذت خطوات كبيرة في اتجاه تقديم مصلحتها رغم الاعتراضات الغربية وموقف العراق المساند لهذا القرار هو مهم بان يمضي بنفس الخطوات لها.
ثانيا: أوروبا
يعتبر هذا القرار كارثي بحق الدول الأوروبية كونها مستهلك رئيس للنفط في العالم وانها عانت كثيرا بسبب ارتفاع سعر النفط بعد الازمة الأوكرانية وانها تحاول ان تجد بديل عن النفط والغاز الروسي وكل البدائل هي اكثر كلفة والان وبعد هذا القرار ستزداد ازمة أوروبا وربما مستقبلا سيؤثر على قرارات بعض الدول سياسيا.
ثالثا: امريكا
ان أمريكا من كبار المنتجين وتمتلك خزين استراتيجي نفطي كبير وكما تمتلك شركات تعمل على النفط الصخري وهو ذو كلفة انتاج مرتفعة وان أي ارتفاع في سعر برميل النفط فسيكون من مصلحة تلك الشركات وبالتالي سوف لن يؤثر كثيرا عليها.
رابعا: الدول المنتجة للنفط، سيزيد من الإيرادات النفطية وبالتالي سيخدمها.
خامسا: الدول المستهلكة، سيزيد من الضغط على اقتصاداتها.
سادسا: روسيا، هذا القرار يعتبر انتصار كبير لها في مجال الاقتصاد والدبلوماسية والتحالفات وخصوصا انها استطلعت ان تجعل أوبك يكون لها قرار مشابه لتواجهها وبالتالي هذا القرار سيزيد من العوامل التي ستجعلها تنتصر والتي ستكون ضاغطة اكثر على أوكرانيا وأوروبا.
سابعا: المملكة العربيه السعودية
ان القرارات الأخيرة للعربية السعودية هي كبيرة جدا وستعجل في التغير العالمي القادم من حيث الاقتصاد والسياسة وهذا القرار سيزيد من غضب السلطة الحالية في أمريكا وسيقربها أكثر من المحور الشرقي الذي أصبحت قريبه منه كثيرا وخصوصا بعد طلبي انضمامها الى منظمة شانغهاي ودول البريكس.
الخلاصة: ان القرار زاد من موقف المحور الشرقي وروسيا خصوصا وسيضعف أوروبا، وبالتالي ان تصنيفي للقرار هو سياسي قبل ان يكون اقتصادي، وسابقا صرحت أوبك انها ستحافظ على سعر النفط في هذه الحدود وهي الان تسير بنفس النهج والخطة.
اما العراق فان التخفيض لن يؤثر عليه لعدة أسباب حيث نلاحظ ان الشهر الماضي لاحظنا انخفاض في انتاج النفط العراقي، وكذلك قرار التحكيم الأخير الذي منع الإقليم من تصدير نفطة دون ان يكون عن طريق الحكومة الاتحادية وبالتالي هو حاليا قد قل إنتاجه أكثر مما صرح عنه ليلة أمس.