
عقدت سفارة جمهورية الصين الشعبية، صباح يوم الأحد الموافق 12/2/2023، جلسةً حوارية على قاعة بغداد في فندق الرشيد. حيث تمَّ خلالها استضافة مساعد الوزير لدائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، السيد تشو روي، الذي ألقى بدورهِ محاضرةً تناول فيها مخرجات المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني، والسياسات الخارجية والداخلية للصين. هذا وقد تمثل حضور هذهِ الجلسة بممثلين عن مجموعةٍ من الأحزاب السياسية العراقية، ووسائل الإعلام المتنوعة، وقياداتٍ إدارية عليا من بعض الوزارات العراقية، والمؤسَّسات الفكرية والثقافية، التي في مقدمتها مؤسَّسة بيت الحكمة.
تطرق السيد تشو روي إلى مجموعةً من المفاصل الرئيسة في محاضرتهِ، والتي بدورها تمخَّضت عن مجموعةٍ من النتائج والرؤى المستقبلية. ليسبقه في الحديث والتقديم سعادة سفير جمهورية الصين الشعبية ببغداد، السيد تسوي وي، الذي أشار في بدء حديثهِ إلى تاريخ وواقع الحزب الشيوعي الصيني، وبيان الأهمية الوطنية التي يحتلها هذا الحزب في عملية النهوض بواقع الأمة الصينية طيلة عقودٍ من فترة تسنمهِ مقاليد الحكم. مشيرًا في الوقت ذاتهِ إلى أنَّ السفارة قد عمَدت إلى عقد مجموعةٍ من اللقاءات الحوارية والإعلامية التي ناقشت وتباحثت في مخرجات المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني، وبالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية العراقية، والمنظَّمات الخاصة ذات الوظيفة والتخصص المتنوع التي تغطِّي جميع مجالات ومرافق الحياة، وذلك في سبيل إيصال الرؤى التي تمخَّضت عن هذا الحدث السياسي الدولي الكبير إلى أكبر وأوسع مدىً ممكن.
من بعد توجيه كلمات الشكر والثناء، أشار السيد تشو روي إلى أنَّ هذا اللقاء يُعد الأول من نوعهِ خلال العام الحالي (2023)، الذي يجمع ممثل رسمي عن الحزب الشيوعي الصيني بكوادر ونُخب علمية وسياسية عراقية، الأمر الذي يعكس بطبيعة الحال عُمق الصلات الرابطة بين البلدين، والأهمية الكبيرة التي ينطوي عليها العراق لدى صُنَّاع القرار في جمهورية الصين الشعبية، لِمَا يولونه من اهتمامٍ وعنايةٍ كبيرين.
بطولة الخليج العربي (25)، وتشكيل الحكومة العراقية الحالية، موضوعان أشار إليهما السيد تشو روي في مطلع كلمتهِ الافتتاحية كأحد أبرز الإنجازات الوطنية للعراق خلال هذين العامين (2022-2023)، لِمَا لهما من دلالاتٍ أمنية واقتصادية وسياسية متقدمة وذات تأثيرٍ واضح وجلي على الشارع العراقي خصوصًا، وعلى المحيطين العربي والدولي على السواء.
كذلك، فقد عرَّج السيد تشو روي على القمَّة الصينية – العربية التي انعقدت بدورتها الأولى مطلع شهر كانون الأول من العام الماضي 2022. والتي تُعد بطبيعة الحال نقطة تحولٍ كبيرة في العلاقات فيما بينهما، بما يرتقي بمستوى العلاقات المتبادلة، وبما يُعزز التعاون في مختلف المجالات، وبما يحقِّق كذلك مصالح الطرفين. وهو ما أكَّدت عليه القمة في بيانها الختامي من الحرص المشترك على تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الدول العربية والصين، القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبلٍ أفضل، والعمل على تعميق التعاون العربي – الصيني في مختلف المجالات من خلال الآليات القائمة في إطار منتدى التعاون العربي – الصيني. أمَّا بالنسبة للعراق، فقد أشار السيد تشو روي إلى مقدار التفاؤل الكبير حول ما سينتج عن عقد هذهِ القمة من فائدةٍ مرجوة للعراق، مشيرًا إلى حالة التوافق الكبير الحاصل بين الجانبين العراقي والصيني في سبيل توثيق أواصر التعاون بين البلدين، وفي كافَّة المجالات وقطَّاعات الحياة العامة. وذلك من بعد اللقاء المثمر الذي جمع بين الرئيس شي جين بينغ ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني. مؤكدًا في الوقت ذاتهِ على تأكيد نية الحكومة الصينية على الاستمرار بعقد حلقاتٍ أخرى من هذهِ القمة الفريدة، في سبيل متابعة مخرجات ما سبقها من دورات، والبحث عن رؤىً وخطط جديدة مستقبلية.
عمَد السيد تشو روي إلى تلخيص مقررات المؤتمر الوطني محل النقاش، إلى مجموعةٍ من النقاط الرئيسة، والتي تمثلت في:
– استعراض إنجازات الحزب الشيوعي الصيني خلال الأعوام الماضية، بغية الحث على معالجة نقاط الضعف والملاحظات، والإفادة من التجارب الناجعة التي كانت إحدى نقاط تميز السياسة العامة للحزب، حتَّى عُدَّ بخطَّته العملية واحداً من التجارب الإنسانية الفريدة التي يُحتذى بها.
– العمل على وضع خطَّة تنموية مستقبلية في سبيل استمرار وتيرة النهوض الصيني بكل قطَّاعات الحياة، ضمن خطَّةٍ مرسومةٍ يصل مداها حتَّى منتصف القرن الحالي.
– عام 2035، هو الموعد الذي رسمته قيادة الحزب الشيوعي الصيني في سبيل الوصول إلى تحقيق الغايات والرؤى المرسومة لمستقبلٍ زاهر وقوي للنظام الشيوعي الصيني أولاً، والعالمي بدرجةٍ لاحقة.
– احتلت السياسة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية مكانها المتميز ضمن مقررات المؤتمر الوطني العشرون، حيث أكَّد السيد شي جين بينغ على ضرورة أن تسعى سياسة الصين الخارجية إلى تحقيق النمو المستدام والاستقرار السياسي، الأمر الذي يستلزم سياسةً خارجية تسعى لتجنب النزاعات وتحقيق السلام لضمان العمل من أجل تحقيق ذلك. وفي الوقت ذاتهِ، كان هناك توجيه مباشر من لدن الرئيس الصيني على ضرورة الاستمرار بذات المنهج المعتدل الذي تتبعه الصين مند سنوات في هذهِ السياسة، وضرورة الاستمرار في تقديم يد العون والمساعدة للدول الأصدقاء.
نظراً لكثرة النقاط الرئيسة والجوهرية التي تمخَّض عنها المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني، والتي تحمل جميعها بين طياتها الكثير من الدلالات الفكرية، والمخاضات السياسية العملية، والخطط الاقتصادية والاجتماعية والتنموية… لتشمل جميع مجالات الحياة العامة والخاصة للمجتمع والفرد الصيني. كلَّ هذا حدا بالسيد تشو روي إلى يركِّز محاضرته على اثنين من النقاط الجوهرية التي عُدَّت من أبرز نتائج هذا المؤتمر، والتي تتلخَّص بـ: (التحديث، والديمقراطية). واللذان بالإضافة إلى الأهمية التي ينطويان عليها ضمن السياسة العامة لجمهورية الصين الشعبية، فقد عدَّهما السيد تشو روي ذاتا علاقةٍ مباشرة وحساسة بالعراق والواقع الذي يعيشه.
أولاً: التحديث
ضمن المقدمة القصيرة التي استعرضها السيد تشو روي لهذا الموضوع، أشار أولاً إلى مفهوم التحديث Modernization، الذي يُعد وفقاً للمنهج العلمي نموذجاً محدداً للتغير في المجتمع، وأنه وفقاً لذلك العملية المعقدة التي تستهدف إحداث تغيراتٍ في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأيديولوجية في المجتمع. ومن جانبٍ آخر، يلعب التحديث دوراً هاماً في عملية التنمية، فالتنمية والتحديث يسيران متوازيان منذ أكثر من قرنٍ في أنحاءٍ كثيرة من العالم. ويرتبط مفهوم التحديث بالتنمية، فيعني التغير في اتجاهات الأفراد وسلوكهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي من جهة، وبالتغير في البناء الاجتماعي من جهةٍ ثانية.
من جانبٍ آخر، أشار السيد تشو روي إلى واقع التحديث الحاصل في مجمل الدول العربية، والذي عدَّه – رغم السمات الواضحة لخطاه المتسارعة خلال العقود الأخيرة – بحاجةٍ ماسة إلى مزيدٍ من التخطيط والمراجعة والاهتمام، فهو بالرغم من كلِّ شيء ما زال منقوصاً بحاجةٍ إلى توظيفه وشمولهِ لجميع قطاعات الحياة، في سبيل تحقيق الغاية الرئيسة منه، تلك التي تتمثل في تحقيق حياة رغيدة وهانئة للمواطن العربي.
أمَّا في الصين، فلعلَّ خير ما يمثل ويعكس صورة واقع التحديث الذي تعيشه جمهورية الصين الشعبية، والمستقبل الذي تراه له، بالكلمة التي قالها الرئيس شي جين بينغ: (تتمثل المهمة المركزية للحزب الشيوعي الصيني من الآن فصاعداً في توحيد وقيادة ممثلي جميع المجموعات العِرقية من جميع أنحاء البلاد، وبناء دولة اشتراكية حديثة قوية، وتحقيق الأهداف، والتحديث بخصائص صينية يعمل على إحياء الأمة الصينية. والتحديث ليس بمُحاكاة الغرب). ليُعد التحديث وفق النمط الصيني هو تحديث يتماشى مع حجم سكَّاني ضخم، ويزدهر فيه الشعب جميعاً، ويتعايش فيه الإنسان والطبيعة في وئام، ويأخذ طريق التنمية السلمية. إذ يتخلَّى التحديث الصيني النمط عن المنطق القائل بأنَّ تطور القوى الإنتاجية خاضع لرأس المال ببساطة، والذي يتبعه التحديث الغربي، متخلياً بدورهِ عن التحديث الغربي المتمحور حول رأس المال، وتحديث الاستقطاب، والتحديث المادي، وتحديث التوسع الخارجي والنهب. إنَّ الصين بذلك قدمت للعالم نموذجاً جديداً لحوكمة دولة إلى العالم يمكن التعلُّم منه. إذ تسعى الصين جاهدةً لجعل شعبها سعيداً ومزدهراً، من خلال توفير المشاريع في جميع أنحاء العالم، وتحقيق العدالة والأمن والسلام العالمي.
حدَّد السيد تشو روي ضمن مجموعةٍ من النقاط، السِمَات الرئيسة لعملية التحديث في جمهورية الصين الشعبية، والتي يمكن تلخيصها بالآتي:
- يتميَّز التحديث في جمهورية الصين الشعبية باعتمادهِ على عددٍ هائل من السكَّان، وهي ميزة تنفرد بها الصين من حيث تظافر جهود ما يُقارب المليار والنصف من المواطنين في سبيل تحقيق الخطَّة المرسومة من قيادة الحزب الشيوعي لعملية التحديث الوطنية. الأمر الذي يعكس عُمق الشعور بالمواطنة، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
- يتميَّز التحديث في جمهورية الصين الشعبية بعنايتهِ بتحقيق الغِنى المشترك لجميع المواطنين، الأمر الذي يُدلِّل عليه بصورةٍ ملحوظة وظاهرة للعيان انعدام الفوارق الطبقية إلى حدٍّ كبير، حتَّى ليشعر المطَّلع على واقع المجتمع الصيني، أنَّ أفراده يعيشون بمستوىً اقتصادي وثقافي واجتماعي واحد. الأمر الذي يمكن عدَّه أحد أوجه العدالة الاجتماعية الناصعة.
- تُعنى الصين بتحقيق الغِنى المعنوي في توازٍ مع تحقيق الغِنى المادي. من خلال العمل على تطويرهما والاهتمام بهما على قدم المساواة.
- العناية بالطبيعة، وتحقيق التنمية المستدامة هي من أوجه ظاهرة التحديث الصيني. إذ أولت القيادة الصينية عنايتها البالغة بتنظيم التعايش السلمي بين الإنسان والطبيعة، من خلال الحفاظ على البيئة والعناية بها.
- ابتعاد القيادة الصينية عن النَّهج الذي اتبعته دول المعسكر الغربي – الرأسمالي، على مدى قرونٍ من تاريخها الحديث والمعاصر. فالسلم المجتمعي، وتحقيق السلام والأمان الداخلي والخارجي على السَّواء يعد من مقومات عملية التحديث في الصين. حيث أكَّدت قيادة الحزب الشيوعي الصيني على نهجها الثابت في احترام الشأن الداخلي لجميع دول العالم، والابتعاد عن النهج الاستعماري وفرض السيطرة عن طريق الحروب والسلاح. جاعلةً من سياسة بث الطمأنينة وتبادل الثقة معيارًا جوهريًا لها في التعامل الدبلوماسي.
ثانيًا: الديمقراطية
ابتدأ السيد تشو روي في مقدمة حديثهِ عن هذا الموضوع عن الطبيعة العامة التي تحكم توجه الأحزاب السياسية في كل بقاع الأرض، والتي على الرغم من شيوع فكرة عملها ضمن أنظمةٍ ديمقراطية تتبدل خلالها السلطة ويتم تدويرها بطرقٍ سلمية، إلَّا أنَّ ما يحكم الفكر السياسي عمومًا هو محاولة الاستفراد بكرسي الحكم، والتشبث بهِ قدر المستطاع. من جانبٍ آخر، أشار السيد تشو روي وبلمحةٍ موجزة عن المسيرة النضالية للحزب الشيوعي الصيني ومحاولته الجادة في نقض هذا الفكر السياسي، من خلال وضع أُسسٍ رصينة وثابتة مبنية على قواعد ديمقراطية حقيقية، تضمن بدورها استقرار الحكم وديمومتهِ، بعيدًا عن المشاحنات والضغائن السياسية. إذ يعود للحزب الشيوعي الصيني كلَّ الفضل في تخليص البلاد من النظام الإقطاعي الجائر الذي كان يحكمها بقبضةٍ من حديد، وإنهاء حالة التبعية للمعسكر الرأسمالي الغربي، وتوفير الاستقرار السياسي في الصين على مدى قرونٍ من تاريخ حكمهِ، حتَّى بات هذا الحزب صاحب التجربة الأوفر حظًّا والأكثر رصانةً من بين التجارب الديمقراطية في كل أنحاء العالم، أمرٌ يُثبته واقع الاحتذاء بهذهِ التجربة، ومحاولة اقتباس الدروس والعِبَر منها في كثيرٍ من الدول المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء.
كواحدةٍ من الأمثلة الجلية التي بالإمكان الاستدلال بها على طبيعة ودقَّة العمل الديمقراطي وفقًا للنظام الصيني الحالي، أشار لنا السيد تشو روي إلى آلية عقد وتنظيم المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي، وعلى مدى جميع دوراتهِ السابقة. إذ فصَّل في حديثهِ عن آليات الترشيح والانتخاب داخل أروقة الحزب، والنُّظُم المعتمدة في اختيار رجالاتهِ الأكفَّاء، وغيرها من ضوابط العمل التي تعكس بدورها طبيعة النظام الديمقراطي المتميز المعتمَد في النظام السياسي الصيني.
كذلك، فإنَّ من أبرز مميزات السياسة الداخلية للحكومة الصينية، تأصيلها للديمقراطية الشعبية، وذلك من خلال تحفيز ريادة الشعب، ودعم التطلُّع لحياةٍ أفضل، من خلال تحقيق مشاركة أكبر للشعب في جميع مراحل وخطوات العملية السياسية. هذهِ الظاهرة التي تُعد – إضافةً لِمَا سبق ذكره – من النقاط الإيجابية في النظام الديمقراطي الصيني. إذ تعمَد القيادة السياسية في الصين إلى استشارة الجماهير في كل التفاصيل والشؤون العامة ممَّا يصب في مصلحة الجميع.
ونتيجةً لذلك، فقد تولَّدت الرغبة لدى قيادة الحزب الشيوعي الصيني على مشاركة تجربتهِ وخبرتهِ في العمل الديمقراطي مع الأحزاب السياسية العراقية، لِمَا تعده من كون العراق أحد أبرز وأهم الدول الصديقة، ما يدفع بالقيادة الصينية إلى الاهتمام باستقرار وتطور العملية السياسية في العراق، وتوجهها نحو تحقيق المزيد من النجاحات والتقدم.
في المقابل، نوَّه السيد تشو روي إلى سياسة فرض الديمقراطيات على الأنظمة السياسية في دول العالم النامي، وهي سياسة متَّبعة من قبل المعسكر الرأسمالي – الغربي منذ عقود. الأمر الذي يُعد مرفوضًا جملةً وتفصيلًا من قبل القيادة الصينية، التي تعده أولاً تدخلاً في الشأن الداخلي للدول ذات الاستقلال والسيادة الوطنية الواجب احترامها وتقديرها، وثانياً هو ما تراه القيادة الصينية من أنَّ لكل دولةٍ ومجتمع شخصيته ومميزاته ومقوماته الخاصة التي ينفرد بها عن باقي دول العالم، الأمر الذي يجعل من عملية فرض نظامٍ بعينهِ أمرًا غير قابل للتحقيق على أرض الواقع.
وبحكم الآليات المتبعة في النظام السياسي الصيني، والتوجه المعتدل في دفع عجلة التقدم على المستوى الحداثوي والديمقراطي على السَّواء، ومحاولاتهِ الجادة بمد يد العون لجميع دول الأصدقاء، فقد استعرت سياسة تشويه صورة هذا النظام، ومحاولة إظهارها بصورة النظام المستبد، من خلال توظيف وسائل الإعلام المختلفة لإيصال هذهِ الفكرة وترسيخها في العقول. وهي سياسة لا يمكن وصفها إلَّا بفاقدة الأهلية والصحة، لِمَا أظهرته التجربة الصينية من نجاحاتٍ خدمت العديد من دول العالم على قدم المساواة مع خدمتها لمواطنيها وبلدها.
اختتم السيد تشو روي محاضرته بأن أشار إلى مجموعةٍ من النقاط الرئيسة، والتي يمكن اختصارها بالتالي:
– ارتباط الصين والعراق، هاتين الدولتين ذاتا العُمق التاريخي السحيق في القِدَم، وصاحبتا الحضارتين الكبيرتين، ارتباطهما بعلاقاتٍ وثيقة تمتد جذورها إلى عمق حضارتيهما وثقافتيهما الأصيلتين، الأمر الذي له الأثر الأكبر في تولُّد الرغبة لدى القيادة الصينية إلى إعادة إنعاش وتعميق العلاقات بين البلدين وفق نظامٍ تعاونيٍّ مشترك ومتطور.
– إنَّ قيادة الحزب الشيوعي الصيني، في ظلِّ مبادرة الحزام والطريق التي يُصادف العام الحالي 2023 مرور الذكرى السنوية العاشرة على إطلاقها، ترى ضرورة تأصيل علاقتها مع الأحزاب السياسية العراقية، بغية إشراك العراق مشاركةً فاعلة ورئيسة ضمن محاور هذهِ المبادرة الدولية الكبيرة.
– من بعد انتهاء الظروف والأوضاع المتأزمة التي رافقت انتشار جائحة وباء كورونا، وبداية استرداد العالم لحيويتهِ ونشاطهِ السابق، ترى قيادة الحزب الشيوعي الصيني ضرورة معاودة التواصل الحثيث بين كفاءات البلدين في مجالات الاقتصاد والسياسة والعلوم الاجتماعية، في سبيل تعزيز الصلات الثقافية والعلمية والانطلاق بها نحو آفاقٍ متقدمة. وذلك من خلال إيفاد النُّخب الفكرية العراقية إلى الصين، في محاولةٍ لتلاقح الأفكار، وتعميق صلات التواصل الفكري والثقافي في جميع قطاعاتهِ.