لبنان بين معادلة السلاح والخيارات الإقليمية،قراءة في زيارة علي لاريجاني وتداعياتها،
كتب إسماعيل النجار

لبنان بين معادلة السلاح والخيارات الإقليمية،قراءة في زيارة علي لاريجاني وتداعياتها،في ظل تمرد السلطة اللبنانية على الواقع اللبناني الداخلي!.
كَون الساحة اللبنانية مجدداً سجالاً متجدداً حول ملف السلاح ودور المقاومة، وذلك على وقع زيارة أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني رئيس البرلمان الإيراني السابق والمبعوث الخاص للسيد القائد علي الخامنئي، السيد علي لاريجاني، إلى بيروت. الزيارة حملت رسائل إيرانية واضحة، أبرزها التأكيد على دعم لبنان في مواجهة أزماته الاقتصادية والإنمائية، واستعداد طهران لمدّ يد العون في ملفي الكهرباء وإعادة الإعمار، في مقابل تصلب أميركي يمنع أي انفتاح اقتصادي أو استثماري خارج المظلة الغربية.
في أكبر مفارقة في المواقف بين واشنطن وطهران على أرض واحدة طرف يكن لها الإحترام وطرف آخر يريد هدم الهيكل فوق رؤوس الجميع!.
فمن الواضح أن المشهد اللبناني يتأرجح بين إغراءات الشرق الإيراني وضغوط الغرب الأميركي.
ف إيران تُعلن بلسان رسولها السيد لاريجاني رفضها المساس بسلاح المقاومة، معتبرةً أن هذا السلاح يمثل مظلة حماية للبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، وأن الحوار هو السبيل الوحيد لتجنيب البلد الانزلاق إلى الفوضى أو الحرب الأهلية.
في المقابل،واشنطن تعيد عبر موفديها ومنهم رجل الأعمال الأميركي اللبناني توماس باراك الذي يلعب دور المندوب السامي غير المعلن! تثبيت موقفها الداعي إلى نزع سلاح حزب الله باعتباره تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل، مستخدمة أدوات الضغط المالي والسياسي لمنع أي بديل اقتصادي خارج الوصاية الأميركية. حيث تجمد الموقف الداخلي بين السيادة والتبعية!. وبرزت التناقضات اللبنانية الداخلية في أوضح صوره تجلَّت أول من أمس!
المفارقه أيضاً أنه بينما تتباهى بعض القوى السياسية بما تصفه بـ”الموقف السيادي” الرافض لتصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن السلاح، نجدها في الوقت ذاته تصغي بدقة لتعليمات الموفد الأميركي، متجاهلة مبدأ الاستقلالية الوطنية الذي تنادي به.
والقوى المحسوبة على ما يُسمى “السياديين” ماضية في مطلبها الحصري بنزع السلاح، متسلحة بدعم خليجي سعودي على وجه الخصوص ويدفع باتجاه تأزيم الوضع الداخلي وربما تفجير حرب أهلية قد لا ينجو منها أحد.
هذا الأمر دفع المقاومة للعمل على تفادي خطر التهديدات وعودة بناء التحالفات الداخليه. من جهة أخرى، يرفض حزب الله أي نقاش حول تسليم سلاحه، معتبراً أن ذلك خط أحمر وركيزة حماية للبلاد، لا سيما في ظل المخاطر الإسرائيلية الدائمة. الحزب يرى أن الضغوط الأميركية والغربية لا تستهدف فقط نزع سلاحه، بل تهدف إلى إعادة لبنان إلى بيت الطاعة الأميركي الإسرائيلي عبر ضرب عناصر القوة الاستراتيجية التي يملكها.
لأن ذلك يعتبر في الحسابات الإقليمية صراع مشاريع ومصالح كبرى لا تأبه للضعفاء.فأصبحت المعادلة تتجاوز لبنان إلى صراع إقليمي أشمل في الوقت الذي لا زالت السعودية تمارس ضغوطاً عبر وكلائها في الداخل، وتدفع باتجاه المواجهة المفتوحة أملاً في تحجيم النفوذ الإيراني. بينما إيران تكرر دعوتها للحوار الداخلي بين اللبنانيين وتؤكد حرصها على وحدة لبنان واستقراره، في وقت تعمل فيه على تقديم حلول عملية لأزمة الكهرباء والاقتصاد، حيث تملك القدرة على كسر الحصار إذا ما فُتح الباب أمام تعاون رسمي. لكن لبنان الذي أدار الأذن الصماء لطهران يقفةاليوم أمام مفترق طرق خطير. بين عروض المساعدة الإيرانية التي تُقدَّم من موقع الشريك لا الوصي، وبين الضغوط الأميركية التي تتوسل العقوبات والتهديدات لحماية إسرائيل، لذلك يجد الداخل اللبناني نفسه رهينة انقسام حاد لأن فريق منهم يتطلع إلى الخارج الغربي ولو على حساب السيادة الوطنية، وفريق آخر يرى في المقاومة ضمانة البقاء في وجه أي عدوان.
في المحصلة، يتوقف مستقبل لبنان على مدى قدرته على بلورة معادلة وطنية جامعة، تحفظ حقه في الدفاع عن نفسه وفي الوقت نفسه تنظم العلاقة بين الدولة والمقاومة، بعيداً عن الاستقطاب الخارجي الذي يدفع البلاد إلى هاوية صراعات جديدة. هل يعقل المسؤولون مصلحة بلدهم؟.
بيروت في ،،15/8/2025