كنت في مقابلة على شاشة قناة اليمن في ديسمبر الماضي، ويومها أجبت على مضيفي الأستاذ عبدالله الظافري بأن اليمن في تحركه المناصر لفلسطين وغزة يتبع مسار تصعيدي لا يمكن التنبؤ بنهايته؛ فقد بدأ بحصار السفن الإسرائيلية المارة بقرب السواحل اليمنية، وبسبب استمرار التعنت الإسرائيلي الأمريكي اتسعت العمليات وصولاً للبحر العربي، وسيظل الجيش اليمني يوسع من عملياته وصولا ربما إلى السواحل الفلسطينية المحتلة.
يومها أبتسم مقدم البرنامج وضيفه البحريني من ثقة الطرح، وللأمانة أنا نفسي لم أكن أستطيع أن اتوقع ما يمكن أن تصل إليه الأمور، أو ما إذا كان بمقدور جيشنا أن يوسع عملياته إلى هذا الحد، وكلامي كان نتاج ثقتي الكبيرة بأن القيادة والجيش قد يفعلون أي شيء لنصرة غزة لأننا لا نشعر بأننا نناصر قضية شعب آخر، بل نشعر أن أرتباطنا بفلسطين وشعبها يتخطى الحدود والمسافات، وأن القضية قضيتنا نحن. بالإضافة إلى أننا شعرنا بذات الغبن لسنوات من العدوان، وهذا ما جعلنا قريبين أكثر من تفهم مشاعر الفلسطينيين المستضعفين.
جاء دوري لأبتسم يوم أعلن السيد القائد عن المرحلة الثالثة، وهي مرحلة إستهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في المحيط الهندي بعد فشل عدوانهم الخائب على اليمن. يومها اصابني الذهول، ولكني كنت أعرف أن الأعداء مذهولين أكثر؛ فالتطور كان سريعاً لدرجة تتخطى أي توقع، وبات من المسلم به أن وضع سقف لهذه التطورات أصبح دون جدوى، وهذا يجعل الصديق أكثر تفاؤلا، والعدو أكثر تشاؤوما، والجميع في إنتظار المرحلة التالية بترقب.
لا يوجد أمة أكثر عناداً من اليهود، وخلال تاريخهم المليء بالعناد رأينا كيف عاندوا أنبيائهم والصالحين منهم حتى وصلوا لمعاندة الخالق سبحانه والعياذ بالله! ومنذ بدء عدوانهم الأخير أستمروا في عنادهم رغم العدد الكبير من القتلى المدنيين الفلسطينيين، ورغم خسائر إسرائيل التي تخطت أكبر توقعات القادة الصهاينة منذ بداية احتلالهم لفلسطين، ورغم نصائح المتواطئين معهم، ورغم تغير نظرة العالم لهم بعد عقود من التضليل والكذب والأموال المبددة التي أنفقوها ليراهم الآخرون كشعب مظلوم! فكان لابد أن تكون نهايتهم مخزية بقدر عنادهم، ولهذا كان التأييد الألهي للمقاومة، ولليمنيين الأقرب حالياً للقيام بدور المؤدب لهؤلاء المتعجرفين، وبأذن الله سيكون الدرس اليمني هو الأخير لهؤلاء الملاعين فلا تقوم لهم قائمة بعدها.
المرحلة الرابعة ستكون اكثر إيلاما، وأكثر إذلالا، وتأثيرها سيتخطى الآثار الأقتصادية، وهذا كله ناتج عن عناد الصهاينة الذي تخطى كل الحدود. ومثلما تم إذلال أمريكا وبريطانيا ودول آخرى في البحر الأحمر، فإن هذه العمليات ستؤدي لتأكيد ضعف ووهن الكيان الصهيوني ومن يقف وراءه. هم كانوا في الماضي يتنمرون على الآخرين، وغدا سيتحولون إلى “ملطشة” لا يهابها أحد، وسترتفع أصوات الشجب والأستنكار لشعوب وأنظمة لم تكن تجرؤ على انتقاد إسرائيل في الماضي، وسيتم عزل هذا الكيان المجرم شيئا فشيئا وصولا إلى نهايته التي يستحقها كأخبث نظام مجرم عبر التاريخ.. والقادم أعظم.