بحوث ودراسات

قصة شرطة البكتيريا التي ندين لها بالبقاء

صائب خليل

منذ 3,5 مليار عام، حين بدأت الحياة على الأرض، تدور حرب شرسة لم تتوقف ساعة واحدة بين الفيروسات والبكتريا! فالفيروس يخترق البكتريا ويبدأ في تغيير جيناتها لتتحول الى مصنع للفيروسات ثم تنفجر ناشرة ذلك النوع من الفيروس!
كيف استطاعت البكتريا ان تبقى على قيد الحياة اذن، ولماذا لم يتحول كل شيء حي الى فيروسات؟
.
معمل للألبان يحتاج الى البكتريا لصناعة اللبن، لكن الفيروسات كانت تقضي على تلك البكتريا احيانا وتسبب للمعمل خسائرا كبيرة، مما دفع المعمل لدراسة طرق دفاع البكتريا عن نفسها بوجه الفيروسات، لغرض تطويرها.
اكتشفوا، أن البكتريا لديها “شرطة” تبحث عن الفيروسات في الخلية وتقتلها. واذا اخترق الخلية فيروس وسلمت منه، قامت الشرطة بتثبيت نسخة من رمزه الوراثي في سجل تحتفظ به. انه سجل لـ “صور” للفيروسات التي سبق ان اخترقت الحدود، مكتوب على غلافه: “إحذر هؤلاء”!
.
شرطة البكتريا تدور في انحاء “البلاد” وهي تحمل نسخا من ذلك الملف، وتدقق في وجوه من تصادفهم، فإذا وجدت واحدا مطابقا لصورة في السجل انقضت عليه وقطعت رأسه! ونظرا لسرعة الفيروسات بالعمل، فأن لدى شرطة الخلية ساعات فقط لاكتشاف الفيروس وقطع رأسه، وإلا ضاع كل شيء! إنه سباق حياة أو موت، لا رحمة فيه، مع الزمن! ونحن مدينون جميعا بوجودنا لنباهة هذه الشرطة وسرعة عملها وحزمها، وإلا لتحولنا جميعا الى فيروسات!
.
لماذا يكتب صائب خليل عن هذا؟ نعم، شكوكك في محلها يا صديقي. دعني اروي لك الحادثة التالية المسجلة في سجلات شرطة البكتريا (ويقال انها تدرس في اكاديمياتها حتى الآن!):
.
في احد الأيام الحارة، اكتشف شرطي شبها شديدا بين احد العابرين وصورة لفيروس خطر في السجل، وهم بأن يسحب سيفه، فإذا بكائنين يخرجان من اليسار واليمين، ويهمسان شيئا في اذنه! نظر اليهما الشرطي ثم نظر الى سجلاته فورا برد فعل طبيعي تعود عليه من ملايين السنين، فلم يجد صورة تشبههما! فهما أما بريئان أو نوعان جديدان من الفيروسات!
.
اتصل الشرطي فورا بمركز القيادة بنبضة كهربائية خاصة، وما هي الا دقيقة حتى كانت سيارات فرقة قوات خاصة تطوق المكان، وتلقي القبض على المشبوهين الثلاثة وتقتادهم الى مركز اعادة تدوير البروتينات.
قلد ضابط الفرقة الشرطي وساما، وسأله: ما الذي قالاه لك وجعلك تحس بالخطر؟
أجاب الشرطي: واحد قال “اعطوه فرصة!”، وقال الثاني “خلوه يشتغل”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى