ثقافية

المجتمع العراقي وحرب التدمير الذاتي

بقلم : عبد الجليل الزبيدي

لماذا نجحت الحرب الناعمة القذرة التي يشنها اعداء النظام السياسي في العراق ، واستطاعت التفوق في التأثير على قطاع  من المجتمع العراقي وتحويل افراد هذه الفئة الى ببغاوات تنشر التذمر والكلام الهذياني وتردد مصطلحات وعبارات سلبية ، لايفقه مرددوها معانيها ؟ !

اليوم صار شائعا نسمع عبارات مثل ( زمن الخير ) و ( الزمن الجميل ) و ( ايام العز ) و ( چنه عايشين ) ..و( الشعب اليوم جوعان ) ( لو باقيه علصدام چان احسن ) ووو  .

كلمات وعبارات صارت كليشيات مقولبة يرددها البعض واغلبهم من اعمار شابه ولم يشهدوا او يشاهدوا ما يزعمونه زمن الخير في عهد نظام حزب البعث .

هذا الببغاوي الذي قرر تجميد عقله ووافق ان تحدد منصات السوشيل ميديا افكاره وكيف ينظر للاشياء ،صار يتبنى المصطلحات والمفاهيم التي تحددها وتنتجها القوى المعادية  وتسحبه الى الماضي، من دون ان يعقد مقارنة مع الواقع وما يعيشه اليوم ؟

اعتقد ان السبب في ايجاد هذه الفئة المتمردة المتذمرة يعود الى :

1/ أن هذه الفئة  لديها استعدادات الاستسلام فهي جاهلة وغير واعية او قررت الغاء وعيها لانها تعاني من الخمول والكسل العقلي ولذلك اصبحت فريسة سهلة للهجوم الاعلامي العدائي الموجه نحو العراق وتحديدا ضد نظام الحكم الذي تاسس بعد  استفتاء الدستور عام 2005 .

2/ حصول هذا الخرق الكبير سببه عدم وجود مظلة اعلامية وطنية مضادة للهجوم الدعائي العدواني ، لان الاعلام الرسمي لا يجيد ولا يمتلك وعي وفهم واضح للمعركة العقلية .اما اعلام احزاب السلطة فهو انحشر في زاوية ضيقة وهي ( التطبيل والتطبيل فقط ) للزعيم وللحزب والجماعة والعصبة السياسية الداخلة في العملية السياسية.

3/ ان الاعلام الرسمي والسياسي تراجع الى مواقع الدفاع والتبرير ، في وقت كان عليه ان ينتقل  الى مواقع الهجوم وعلى محورين : الاول٫ التصدي بوعي للهجوم المضاد .والثاني : المقارنة بين ( زمنهم ) وبين المتغيرات والتحولات التي تحصل اليوم اقتصاديا ومعيشيا وسياسيا حيث ضمن له الدستور الحريات الشخصية وحرية الرأي وحرية الانتماء .

4/ ان الاعلام بكل مستوياته وكذلك المؤسسات الدينية والروحية لم تؤد دورها ومسؤولياتها الاخلاقية والوطنية والشرعية نحو اصلاح وتنمية الوعي  لدى الانسان العراقي ، فهي لم تقدم نماذج مؤثرة تحث على العمل والابداع والتطور والتطوير مثلما فشلت في احتواء ظواهر ونزعات الطمع والجشع والحسد والتحاسد ، البهتان والافتراء …ليحل محلها : الامل ، الرضا ، القناعة ، الطموح ، التدبير الحياتي والمعيشي السليم والواعي .

هذا المنهج الاخلاقي والقيمي ، تبنته دول مثل بريطانيا وكندا والمانيا وفرنسا والدول الاسكندنافية ووظفت المؤسسات الاعلامية والتربوية والدينية والاجتماعية لتطبيق  برامج عملية دقيقة وفعالة لاعادة بناء المجتمعات ومعالجتها من الامراض الاخلاقية التي خلفتها الحرب العالمية الثانية .

5/ ان النظام الحاكم  بكل مؤسساته فشل في اظهار وتسويق منجزاته وذلك لايجاد القناعات والتفاؤل والأمل .

فشل حتى في ان يقنع ذلك الببغاء بان ماكان بمقدوره يتلفظ عبارة ( الزمن الجميل ) في عهد نظام حزب البعث ولو تلفظها لتحول اليوم الى ملف في مؤسسة الشهداء ..فشل في اقناع تلك الفئة الناقمة بان الالاف قتلوا اثناء محاولتهم الهروب عبر الحدود ،بينما اليوم ذلك الببغاء يسافر الى 90 دولة وتعلم ثقافة تمرير الجواز في المطارات وصار يعرف اين يجلس عند صعوده الطائرة  في حين كان وفي زمن البعث يصعد بالحافلة ( باص الريم )  وقوفا من بغداد الى البصرة لكي يدفع نصف الاجرة .

نعم العراقي لم يعد يردد عبارة ( وحش الطاوة ) وذلك تغزلا باكلة الباذنجان الرئيسية المتاحة في ( الزمن الجميل )! وصار اليوم يبحث عن مطاعم تقدم الاكلات الكورية والصينية والمكسيكية وبات  هو وبناته يحفظن قائمة الطعام ( food menu  )  الایطالی ویتلفظنها بدلع ورفاهیة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى