لقاء الحاج قاسم بالرئيس بوتين: أسرار تكشف للمرة الأولى
وحدة الرصد والترجمة / مركز تبيين للتخطيط والدراسات الستراتيجية
العصر-من أهم الإجراءات التي اتخذها الفريق الحاج قاسم سليماني، خلال مساعدته للسوريين في الدفاع عن بلادهم ضد الحرب الإرهابية و الكونية عام 2011، والتي أظهر فيها جانباً مهماً من قدراته الدبلوماسية إضافة لقدراتها العسكرية بمستوياتها الإستراتيجية والتكتيكية، هو إقناع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، بأهمية إرسال جيشهم إلى سوريا عام 2015، لتقديم الدعم الجوي للجيش السوري وحلفائه، خلال معارك استعادة السيطرة وطرد المجموعات الإرهابية، وإجهاض مشروع دولة تنظيم داعش الوهابي الإرهابي الممتدة من العراق الى سوريا.
بطبيعة الحال، أغلبية الدول مهما كانت قدراتها وإمكاناتها العسكرية، تفضّل الابتعاد قدر الإمكان عن القتال في بلد أجنبي، حتى لو كان في ذلك حماية لمصالح بلاده، ذلك أن التدخل في مثل هذه الحروب ستكون صعبة ومكلفة جداً.
وقد رأى الحاج قاسم في وقت من الأوقات، أنه يجب إشراك روسيا فيما يحصل في سوريا، لأن العالم كله تجمع لتحقيق هدف إسقاط الرئيس بشار الأسد، وكسر العمق الاستراتيجي لمحور المقاومة، خصوصاً المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وبمشاركة الكيان المؤقت وتركيا والدول الأوروبية ودول عربية. ولم يكن الهدف إسقاط سوريا فقط، بل وضرب محور المقاومة بكافة أركانه، وهذا ما سيعزز من هيمنة أمريكا على العالم وقدرتها على مواجهة منافسيها، وأبرزهم روسيا.
لذا كانت مشاركة روسيا تأميناً لمصالحها ولدورها على صعيد العالم أيضاً، وهو ما اشار اليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالقول: “الرئيس بوتين وكل العالم يدركون بأن موسكو عادت إلى العالم من بوابة سوريا”، موضحاً أن”الدخول العسكري الروسي في سوريا كان مؤثراً جداً”.
أسرار تكشف للمرّة الأولى
بالتزامن مع إحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد قائد قوة القدس الفريق الحاج قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس ورفاقهما، كشفت مصادر خاصة للخنادق بعض أسرار لقاء الحاج سليماني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي يُفصح عنها للمرة الأولى، والتي أكد فيها الحاج قاسم على مهاراته التفاوضية الكبيرة:
_ كان الوسيط في اللقاء الأول للحاج قاسم مع الرئيس بوتين هو تاجر من الجنسية الإيرانية على علاقة وثيقة بدوائر الكرملين، فهو الذي رتّب للقاء بين الجانبين.
_ استمر الاجتماع الأول 5 ساعات (كان مخططاً لأن يكون حوالي 45 دقيقة فقط)، بحيث قام الحاج قاسم بشرح الواقع الميداني في سوريا للرئيس بوتين، بشكل معمق وبالتفصيل، وزاد على ذلك بتوضيح مصلحة روسيا العظمى من المشاركة هناك، خاصةً بعد خسارة موسكو للعراق عام 2003. وبيّن له بأنه إذا استولى الأمريكيون على سوريا ونصّبوا رئيساً أمريكياً، فلن تكونوا بلاده من بعد ذلك قوة عظمى. وستخسر روسيا جبهتها الشرقية وجبهة البحر الأبيض المتوسط.
_ اقتنع بوتين بعد حوالي ساعتين من اللقاء، بأهمية مشاركة بلاده، وقد بدا مرتاحاً بل متشوقاً لمواصلة النقاش مع الفريق سليماني بالتفاصيل حتى استغرق الاجتماع خمس ساعات، (في اول ساعتين بدا بوتين رسمياً وكأنه غير مهتم كثيراً) أما الشهيد سليماني فلم يكن يتوقع هذا التجاوب السريع من بوتين مع اقتراحاته، وقد تم خلال هذا الاجتماع الاتفاق على أن تشارك روسيا من خلال القوات الجوية، لتقديم الدعم الجوي للجيش السوري وحلفائه في محور المقاومة. وجرى الاتفاق أن تتمركز القوات الروسية في المناطق الغربية حيث أغلبية السكان هم من الطائفة العلوية.
_ أولى الرئيس بوتين الأهمية لوجود أمرين خلال المشاركة الروسية:
1) أن يكون الوجود الروسي، عدا التنسيق الكامل مع الدولة السورية، بالتنسيق الكامل مع الحاج قاسم.
2) طلب بوتين خلال اجتماعه مرتين بالحاج قاسم، أن يكون حزب الله في كل المعارك والعمليات الأساسية والمفصلية الى جانب الجيش السوري، لزيادة عوامل الاطمئنان الى نجاح هذه العمليات.
_اعتبر الحاج قاسم بأن الحصول على موافقة روسيا لكي تدعم سوريا، كان له أثراً كبيراً على نجاحات وانتصارات محور المقاومة، فهو يسرع من تنفيذ العمليات وطريقة تنفيذها.
_ نظم بوتين خلال اللقاء استراحة للتشاور مع كبار قادته، وخلال هذه الفرصة القصيرة، أذّن الحاج قاسم وأقام صلاة الظهر في قصر الكرملين. وقد عبّر الحاج قاسم عن شعوره في هذه اللحظة واعتبر بأن هذه الصلاة هي من أفضل صلواته.
وقد لاقت هذه اللقاءات ما بين الشخصيتين الكثير من الاهتمام والمتابعة، من قبل العديد من وسائل الإعلام العالمية والعربية، بحيث لم يكن هذا الاجتماع هو الأخير بين القائد سليماني والرئيس بوتين، فقد تبعه العديد من الاجتماعات اللاحقة.
المصدر : مجلة العصر https://alasrmag.com