مع اقتراب عام جديد، تتجدد الأسئلة الملحة في أذهان شعوب منطقتنا: هل يحمل العام القادم أملاً بواقع أفضل؟ هل ستشرق شمس جديدة على مدن عانت لسنوات من ويلات الحروب والدمار؟ غزة، سوريا، اليمن، لبنان، وليبيا، وغيرها من البقاع المنسية، كلها تنتظر لحظة فارقة تضع حداً لآلامها المتراكمة . في غزة، حيث الصراعات لا تنتهي، خلفت الحروب آلاف الجرحى بإصابات غيرت حياتهم إلى الأبد. أكثر من 25 ألف شخص يعيشون مع ألم الجروح، منهم 15600 بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل. لكن معبر رفح المغلق يعكس مأساة أخرى، فقد تم إجلاء أقل من 4000 شخص ، بينهم مرضى سرطان وأطفال يعانون أمراضاً مزمنة . وفي اليمن، الكارثة الإنسانية مستمرة: 18 مليون شخص يعانون سوء التغذية أو انعدام الأمن الغذائي، بينما يواجه 5 ملايين طفل دون سن الخامسة خطر الموت بسبب نقص الغذاء والرعاية الطبية. النساء الحوامل والمرضعات ليس لهن نصيب سوى القليل، ومع ذلك، يواصل اليمنيون التشبث بخيط أمل واهن . أما سوريا، فقد باتت الجراح أعمق مع مرور الزمن. نصف السكان بين نازح ولاجئ، بينما من تبقى يعيشون في ظل فقر مدقع. الحياة في الداخل السوري تبدو وكأنها تصارع للبقاء، بين ندرة الموارد وتصاعد التحديات . في لبنان، تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية لتلقي بظلالها القاتمة على الناس. الجنوب والضاحية يشهدان دماراً يفاقم معاناة النازحين، حيث النساء والأطفال يواجهون معركة يومية من أجل المأوى والاستقرار . وفي ليبيا، لا يزال المستقبل غامضاً. الأوضاع غير المستقرة وحالة الانقسام السياسي تضع البلاد على حافة الانهيار، بينما ينتظر الشعب الليبي حلاً يحقق الاستقرار المنشود . هذه المعاناة المتشابكة التي تعيشها منطقتنا تجعلنا نتساءل: هل يحمل العام الجديد تغييرات حقيقية؟ الشعوب لا تطلب الكثير؛ فقط فرصة للعيش دون خوف. الماء، الطعام، والدواء ليست كافية، بل الأهم هو الأمن والاستقرار . لكن الأمل لا يزال قائماً. التاريخ علّمنا أن الشعوب قادرة على النهوض من تحت الركام، وأن إرادة الحياة أقوى من أي دمار. في كل زاوية مظلمة، هناك من يعمل بصمت لإعادة بناء المجتمعات، وهناك من يحلم بغدٍ أفضل رغم كل التحديات . مع حلول 2025، لنتذكر أن أمل الشعوب يبدأ بخطوات صغيرة نحو السلام والعدالة. العالم يحتاج إلى إنهاء الصراعات، وإعادة الاعتبار للإنسانية التي ضاعت وسط حسابات السياسة والمصالح . هل يتحقق هذا الحلم؟ ربما تكون الإجابة رهناً بإرادتنا الجماعية وقدرتنا على تجاوز الماضي وبناء مستقبل يليق بأحلام شعوب عانت طويلاً .
شاهد أيضاً
إغلاق