التقسيم الذي طرحه نتنياهو لدول المنطقة، خلال خطابه في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع الفائت، وهو يحمل خارطة الشرق الأوسط؛ يمثل رؤية اسرائيل الاستراتيجية لمحاور أعدائها وحلفائها والحياديين بينها وبين أعدائها، وهي رؤية لصيقة بالواقع، وكذلك التوصيفات التي ذكرها حيال هذه المحاور، هي أيضاً توصيفات واقعية، لا تزعج أحداً؛ فحلفاء إسرائيل يقرون بأنهم يريدون الخير للكيان الإسرائيلي، وأعدائه يقرون بأنهم يريدون الشر به، والمحايدون أيضاً، يقفون على التل كعادتهم.
يقول نتنياهو بأن العراق وإيران ولبنان وسوريا واليمن هي الدول التي تشكل المحور الذي يريد الشر بإسرائيل، ويعمل على زوالها، وقد حدده باللون الأسود، ووصفه بأنه محور الشر الذي تقوده إيران. وهذا صحيح.
وصحيح أيضاً ما قاله بأن أنظمة السعودية والإمارات ومصر والأردن والبحرين والسودان، والتي حددها باللون الأخضر؛ تمثل محور الخير لإسرائيل، أو محور البركة (حسب الكلمة المرادفة باللغة الانجليزية)، أي الأنظمة الحليفة لإسرائيل.
أما المحور الثالث؛ فهو محور الحياد بين الكيان الصهيوني وأعدائه، والذي يضم باقي الدول العربية والمسلمة، بمن فيها تركيا والسلطة الفلسطينية.
وتجنباً لمزيد الفضائح؛ فإن وسائل الإعلام العربية عتمت بشكل كامل على هذا المقطع من الخطاب، أي الدقائق التي حمل فيها نتنياهو الخارطة، وتحدث خلالها عن محوري الأعداء (الشر) والحلفاء (الخير أو البركة) ؛ إلّا أن أغلبية المواطنين العرب، بمن فيهم مواطني الدول العربية الحليفة لإسر ائيل؛ لا تحتاج إلى مشاهدة هذا المقطع، ولا إلى عبقرية وعمق في التحليل، لتصل إلى حقيقة الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية لخارطة تحالفاتها وخصوماتها.
ولكن الغريب، أن تمر شعوب هذه الدول على هذا الموضوع دون أية ردود أفعال ومساءلات لأنظمتها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بإقرار إسرائيل نفسها بقائمة حلفائها، وأنه ليس مجرد تقولات واتهامات تطرحها المعارضة في هذه الدول، أو يطرحها إعلام محور المقاومة، وكأن التحالف مع الكيان الصهيوني بات أمراً عادياً، وهكذا الأمر بالنسبة للامتناع عن اتخاذ أي موقف سلبي أو إيجابي تجاه إسرائيل، وكأنه يمثل وجهة نظر عربية إسلامية طبيعية.