شؤون اقليمية

☝️ مطلب جذري واحد!

👤 عبدالملك سام (حنظلة) - اليمن

العدوان على غزة ودخول اليمن في المعركة أديا إلى تأخير البدء في التغييرات الجذرية التي كان من المزمع أن تبدأ منذ شهرين، وجميع اليمنيين كانوا يترقبون هذه التغييرات بفارغ الصبر؛ كون هذا الأمر الذي أعلنت عنه القيادة جاء معبراً عن إرادة الناس، وتأخير البدء في هذه التغييرات بقدر ما كان له أسبابه المعتبرة، إلا أنه أيضاً قد أدى لتضايق الكثيرين ممن طمحوا أن يكون بداية قوية لبناء اليمن الجديد الذي حلمنا به جميعا عقب نجاح ثورة 21 من سبتمبر قبل تسعة أعوام.

ما تأخر فيه الخير كما يقال، ولو أن هذا التأخير قد أسعد لوبيات الفساد والمرتزقة على حد سواء، ولكن معظم اليمنيين يعلمون ويقدرون الظروف العسكرية التي نمر بها، بل ويؤثرون أن ننشغل بغزة وفلسطين في الوقت الحالي حتى توقف العدوان وفك الحصار عن أهلنا في فلسطين، ومن أجل هذه الغاية العزيزة يهون كل عزيز. لكن حتى قضية فلسطين برمتها المسبب الكبير هو مسألة غياب العدل، والعدالة لا يمكن أن تتحقق ما لم تكن نابعة منذ البداية من أوساطنا؛ ففاقد الشيء لا يعطيه، وكيف نعلم الآخرين شيء نفتقده في أنفسنا؟!

أي أنه يبقى هناك مطلب واحد لا يكاد يختلف عليه أثنان، ألا وهو القضاء على الفساد المتغول في المنظومة العدلية الذي وصل شره إلى كل بيت! بداية من الأقسام والنيابات، وإنتهاء بالمحاكم ولجان الإنصاف. ويكفي أن نفهم أن الأعداء يسعدهم أن يظل هذا الخلل قائما حتى يضمنوا عدم إحداث أي تغيير إيجابي في بلدنا وأستمرار سخط معظم الناس؛ كيف لا ومفهوم العدالة مرتبط بحياة الناس ويؤثر عليهم ويرتبط بمدى رضاهم وأستقرار حياتهم في كل مكان وزمان، وقديماً قيل “العدل أساس الملك” لما لهذا الأمر الحيوي من اهمية قصوى.

ميكافللي في كتابه (الأمير) الخطير ذائع الصيت، تحدث عن الحكم بشكل عام، ورغم ما على هذا الكتاب من محامل، إلا أنه تحدث عن أهمية أستقرار المجتمع حتى في ظل وجود الحاكم الظالم، فالحكم – أياً كان نوعه – لا يمكن أن يستقر إلا بنظام يضمن أستقرار المجتمع. وبعيداً عن موضوع هذا الكتاب، فالجميع يجمعون أن غياب العدالة يؤثر على حياتهم بشكل أو بآخر.. العدالة في جانبها الأجتماعي أو التجاري أو الإداري وغيرها من مجالات المحاكم، حتى أن اسم “محكمة” منشق من كلمة “حكم” والذي يوحي بالإستقرار والثبات.

كلنا نعي حساسية الوضع، ولكن ما لم تلتفت قيادتنا وحكومتنا لهذا الجانب المهم فلن ننعم بأستقرار كامل نستطيع من خلاله الالتفات إلى باقي الأمور. أما ضبط هذا الجانب سيؤدي إلى أستقرار الأوضاع الداخلية بشكل كبير، وسيؤدي إلى ثبات الجبهة الداخلية أمام أعتى العواصف، وسيؤدي إلى نجاح أي نشاط أو عمل نخطط لأنجازه.. لنتخيل معاً كيف سيكون الوضع لو وجد العدل في كل مكان، العدل الذي سيشجع الصادقين ويخيف الفاسدين ويرد الحقوق لأهلها قبل أي جانب آخر، ثم كيف سيؤثر هذا علينا في جميع مناحي الحياة، ثقافياً وأجتماعياً وفي كل مجالات البناء.. فلماذا لا نبدأ من الآن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى