عُقِدَت قمة القاهرة للسلام (2023) في عاصمة جمهورية مصر العربية، بشأن العدوان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني في أرضه المحتلة، وكان رئيس الوزراء العراقي (محمد شياع السوداني)، قد حضر القمة، وأدلى كلمته. من أجل ذلك نعرض قراءتنا وتحليلنا لكلمة السيد السوداني:
1- إنَّ عنوان القمة (السلام)، وما ظهر في كلمات الرؤساء والملوك، نحو: الرئيس المصري السيسي، الملك الأردني عبد الله، الرئيس الفلسطيني محمود عباس… وغيرهم (باستثناء السيد محمد شياع السوداني حتى الآن)، كان يتمثل حول مفهوم العدالة بين طرفين: (الإسرائيليين، والفلسطينيين)، وبرز مصطلح (حل الدولتين)، وهو يعني تقسيم فلسطين بين الصهاينة والفلسطينيين.
2- كان أول ما ذكره السيد السوداني، هو أنَّ شعبنا الفلسطيني يُعَرَّض إلى «إبادة جماعية بحق المدنيين»، والمؤسسات مثل: المجمعات السكنية، والكنائس والمستشفيات… وهكذا وصفَ العملية، ثم انتقل من التوصيف إلى التصنيف، وأطلق المصطلح الدقيق على الجريمة، إذ صنَّفها أنها: «جريمةُ حرب مُكتملة الأركان»، وهي أبلغ ما يمكن وصفه وتصنيفه لأفعال الصهاينة بحق شعبنا الفلسطيني.
3- لم يتأثر السوداني في الإعلام الغربي الليبرالي الخبيث، ولا بالضغط الأميركي؛ بالتهرب من جريمة الصهاينة بقصفهم مستشفى المعمداني، فقال: «مجزرة مستشفى المعمداني أظهرت الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني».
4- إنَّ السيد السوداني الذي يتكلم باسم العراق، اختلف في كلمته عن الرؤساء والملوك الذين سبقوه بالكلام، بشأن (الحل)، إذ يقول السوداني: «حان الوقت لوضع حدٍّ لهذا الاحتلال البغيض… الظلم لا ينتج سلاماً مستداماً، ولا سبيل لتحقيق الأمن وإنهاء العنف إلا بإزالة أسبابه، وفي مقدمتها الاحتلال… »، وهنا نشير إلى الآتي:
أولًا: السيد السوداني، يتكلم في ظل قرار الأمة ومرجعياتها الدينية عندما قال (إلا بإزالة أسبابه)؛ إذ أصدرت المرجعية الدينية في النجف الأشرف، آية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله)، بيانها في: 11-تشرين الأول-2023، بشأن فلسطين، ومما ذكرت به: «إنّ إنهاء مأساة هذا الشعب الكريم ـ المستمرة منذ سبعة عقود ـ بنيله لحقوقه المشروعة وإزالة الاحتلال عن أراضيه المغتصبة هو السبيل الوحيد لإحلال الأمن والسلام في هذه المنطقة».
ثانيًا: الشعب العراقي، يتظاهر كل يوم في بغداد والمحافظات، والجامعات، والمؤسسات، ويقف الوقفات التضامنية، وذهب إلى حدود العراق – الأردن، رافضًا لوجود إسرائيل في فلسطين، ولا يقبل إلا بإزالة الاحتلال عن أرضنا الفلسطينية كلها، ولا يؤمن بالمصطلح الغربي الليبرالي الخبيث (حل الدولتين).
ثالثًا: المقاومة الإسلامية في العراق، قالت كلمتها بالبيانات والصواريخ والمُسَيَّرات؛ برفضها وجود الاحتلال الصهيوني في أرضنا الفلسطينية، وتسير المقاومة كذلك في ظل كلمة المرجعية الدينية التي أدانت بها الذين يدعمون الكيان الصهيوني؛ من أجل ذلك، كان السوداني الممثل الحقيقي عن جدارة، للشعب العراقي وقواه الوطنية والسياسية.
5- تكلم السوداني بلغة المحترِم للقانون الدولي، وأظهر أنَّ الصهاينة ومن يساندهم لا يحترمون القانون الدولي، وهذه ضربة لمعسكر الغرب الليبرالي الذي يدعم إسرائيل؛ إذ قال السوداني: «لو جرى احترام القرارات الدولية، وتولت الهيئات الدولية مسؤولياتِها، ما وصلت القضية الفلسطينية إلى هذه الأوضاع المأساوية».
6- السوداني ذكر محورًا مهمًا جدًا في المتغيرات العالمية، عندما قال: «تشكل غزة اليوم امتحاناً جديداً للنظام العالميِّ، الذي فشل مرات عدةٍ في تطبيق ما ينادي به من قيم الإنسانية والعدل والحرية… » وهنا يشير إلى تقويض الغرب الليبرالي للهيكل الأمني العالمي، ويشير إلى انتهاء عصر الهيمنة الغربية الليبرالية التي لم تحترم القيم الإنسانية؛ وهذا يعني -بالضرورة- وقوف السوداني مع العالم الجديد ذي الأقطاب المتعددة.
7- لقد وجَّه السوداني تحذيرًا لأمم الغرب الليبرالي، التي تعاني من ارتفاع أسعار المواد، ونقص الطاقة، وزيادة في سعر الفائدة، واهتزازات سياسية واجتماعية داخلية؛ إذ إنَّ الكيان الصهيوني سيتسبب في قطع مصادر الطاقة عنها، إذا ما ظلت تقف في صفه تراهن عليه وهو (حصان خاسر).
8- وقف السوداني بكل عزم وشجاعة مع شعبنا الفلسطيني، موقفًا إسلاميًا إنسانيًا قيميًا تاريخيًا، وعرض الحلول الشجاعة، وأخزى بذلك موقف المطبعين الخونة، وفضح كل خطاب مهزوم. السوداني أسند ظهره بموقفه إلى المرجعية الدينية والأمة الواعية المتبصرة، السوداني يعلم أنه يتمتع بدعم شعبه وقواه الدينية والوطنية في مسألة أرضنا المحتلة (فلسطين).