البعد السياسي لزيارة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
بقلم : قاسم سلمان العبودي
لزيارة الأربعين الحسينية خصوصية مطلقة في أدبيات الأئمة سلام الله عليهم ، والحث عليها ، بل بالغوا في وصف الأثر المترتب على قاصد كربلاء . لذلك نعتقد بان لهذه الزيارة أكثر من بعد موضوعي ، و على الأمة الاسلامية أن تغوص في واقعة الطف الأليمة في بعدها المادي والروحي. نرى أن البعد السياسي هو جذوة الفكرة الحسينية ، وهو قطب الرحى في تلك الثورة الكبرى الخالدة . أن محاربة الطواغيت على مر التأريخ لكربلاء وثورتها ، لهو دليل على أن تلك البقعة التي تشرفت بالحسين الرمز ، لها دور كبير في أسقاط عروش كبيرة في حال أُستغلت أستغلالً جيداً في زرع روح الثورة في نفوس الزائرين . نعتبر أن الحسين صاحب نظرية الأصلاح العملي ، قد ترجم الواقع الإصلاحي ضد سياسات حكام الجور ، وعلى الأمة السير باتجاه سلوك ذلك الأمام الهمام الذي أرسى الثوابت الأسلامية الحقة والتي غيرت مجرى التأريخ . نعتقد أننا لم نستغل هذه المناسبة العظيمة ، زيارة الأربعين أستغلالً صحيح بنشر الوعي عبر تثقيف الأمة وتنشيط دورها بالتصدي للأنحراف عبر وسائل الاتصال الجماهيري المباشر من خلال أقامة ندوات وورش فكرية وثقافية للزائرين في مواكب تخصصية لهذا الغرض . بجانب المواكب الخدمية المباركة التي تقدم للقادمين الى كربلاء ما لذ وطاب ، كان يجب على مراكز الفكر والدراسات أن تنتدب أساتذة أكفاء لبيان الدور الحسيني في تغيير مفهوم العمل السياسي الحسيني . أن الأعداد الكبيرة التي تقصد كربلاء تعتبر مادة أساس في أحداث التغييرات السياسية الكبيرة في مفهوم الأمة ، وخصوصاً أن القادمين من خارج العراق عدداً لايستهان به فضلاً عن العراقيين القادمين من مختلف المحافظات العراقية ، لذا نرى من الضروري أن تتشكل لجان من مختلف البلدان الأسلامية لوضع مناهج جديدة في الأبعاد الاستراتيجية المختلفة للنهضة الحسينية ، فضلاً عن أقامة النشاطات الثقافية والاجتماعية في طريق كربلاء الحسين وبأشراف وأشراك المؤسسات الحكومية والمراكز البحثية . نعتقد أن الوقت قد حان لأخراج الثورة الحسينية من الجغرافية المحدودة ، الى مفهومها الشامل ، الى العالمية عبر تلك اللجان المشتركة مع بعض الدول الأسلامية وعلى رأسها الجمهورية الاسلامية الايرانية ، وباقي البلدان الاسلامية الأخرى . بدأ العالم ينظر الى واقعة الطف ويتحسس الحاجة الى منهجية تلك الثورة والذهاب بها الى كل مستضعف ، وبذلك نكون قد حققنا بعض الأهداف الحسينية من جهة ، ومن جهة أخرى نكون قد رسمنا ملامح المرحلة القادمة والتي نطمح بأن نكون جزءا مهماً من عملية التمهيد للتغيير القادم بأذنه تعالى . نعتقد أعتقاداً جازماً أن على عاتق العراقيين والأيرانيين تقع مهمة النهوض السياسي لمبادئ الثورة الحسينية الكبرى ، الممهدة لدولة العدل الألهي . أن العبور بالمفهوم الحسيني من القطرية الى العالمية يرتكز على مفهوم بناء الذات الحسيني أولاً ومن ثم الذهاب للتعريف بأهداف الثورة الحسينية من خلال صناعة فكر حسيني عابر للآخرين وفق صياغات أسلامية حقة تتناغم والتطور الهائل الذي وصلت له البشرية .