ليس من السهل (ولادة محلل سياسي ) لانها حرفة تدخل في ميزان (الابداع) والمبدعون
(قليلون )لانهم هم المسؤولون عن التحولات بالحياة في كافة مناحي الحياة .
المشكلة التي يقع بها (المبدعون )من علماء ومخترعين وكتاب وشعراء وفنانين هي (المعادلة )بين سبل العيش ومتطلبات الحياة وبين التفرغ للابداع .
مثلما بقية (المبدعين )بالتاريخ عانوا الفاقة والحاجة والم العوز كذلك هم الان يعانون ذات الالم ،فاسرهم تطالبهم بتوفير سبل العيش وهم يودون لو ينقطعون للقراءة والمطالعة وحضور الندوات والمهرجانات والمتابعة ايضا.!
مرة دخل ابن احد الملوك (العادلين )بالتاريخ على مجلس والده وكان يومها صبيا فوجد عنده كبار الادباء والشعراء والفلاسفة والعلماء بمختلف العلوم فهابه المجلس وهو يعرف من هؤلاء ومنزلتهم ،وحين انفض المجلس سال والده
:-كيف لك ياابتي ان تدير شؤون الرعية وانت وسط هؤلاء؟
فاجابه والده الملك :-ويحك اذا ماآل الحكم لك فاملأ مجلسك منهم وشاورهم بالامر فان في رضاهم رضاء للرعية .
وقد جعل الله الحكمة على السنتهم (ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا ) بمعنى ان الله سبحانه وتعالى عندما يودع الحكمة عند ناس بعينهم فان في ذلك خيرا كثيرا لهم في اصلاح الامة .
ماهو معلوم ان (المحلل السياسي) يعد من اصحاب الراي والفكر والموعظة ،فيجب ان لايبذر بها لانها (مسؤولية )امام الله والوطن . فان زلت قدم (اصحاب الراي )توزع الزلل على الامة -والعياذ بالله -ولطالما كان من (اصحاب الراي)من دفع الملوك والامراء والحكام الى منزلقات تاريخية كانت سببا في ضياع الامم وكما يقول المثل (اخطاء الامراء تدفع ثمنها الشعوب )
وفقا لبيانات الدول المتقدمة فان واحدة من اسباب النهضة السياسية والاقتصادية هم(المفكرون) من خبراء ومحللين واكاديميين
وغيرهم وكلما استطاعت الامة ان توفر بيئة جيدة لهؤلاء كلما سارعت الخطا في التقدم ومواجهة اصعب التحديات .
ولكي يحافظ الكاتب المبدع والمحلل السياسي على (شخصيته)فيلزم ان يحسن التعامل مع الواقع بمهنية عالية والحرص في ايداع افكاره وارائه لمن يستحق ،وان لايجعل منها سببا في التكسب وارضاء (لمن لايستحق الرضا )لانه سيفقد بوصلة توجهه ويوهم الاخرين ايضا .
ليس الزاما ان نرضي (الحاكم ) دائما بل الواحب ان ندعم (العمل الصالح )ونبين السبب ، ونرفض العمل (الطالح )ونبين السبب ،حتى لو كنا (الاقرب )الى (صاحب القرار )لاننا ان لم نبصره الطريق سيذهب بالامة الى الزلل !
احد الزملاء قال اكثر من مرة (ان السيد يقسو على المسؤولين )! قلت (لااعلم ان كان في كلامي قسوة لكني اتكلم بما ارى فيه مصلحة الوطن والمواطنين )وارى ان جميع (المسؤولين)غير منزعجين من (قسوتي )فلماذا انت. محرج بدلا عنهم ؟
المحلل السياسي هو من يقف مع (الدول ) وليس شرطا ان يقف مع (الحكومة )!
وعندما وقفنا بالضد من حكومة الكاظمي انما كان انتصارا للدولة وحتما تحملنا وزر انتقادنا ونتحمل الان وزر انتقادنا لاي زلل ترتكبه (الحكومة) شرط ان نراعي شروط النقد .
المحلل السياسي (قيمة عليا) ،سواء اعترف بها من اعترف او لم يعترف ،فهم صناع الراي
وصوت الشعب وضمير الامة .