
إن استهداف منشآت الطاقة الحيوية في إقليم كردستان بطائرات مسيَّرة هو رسالة معقدة تُطلق في خضم حرب الظل الإقليمية ، خصوصا وان الضربة جاءت بعد إعلان الإقليم امتلاكه احتياطيات غاز طبيعي مثبتة تقدر بـ 2.5 تريليون قدم مكعبة قابلة للاستخراج. وتوقيع الإقليم مع الاتحاد الأوروبي لتصدير الغاز لاوربا عبر اليونان عن طريق تركيا.
وحقيقة الضربة تكمن في احتمال الاختراق الاستخباري الذي يسمح بتنفيذ أجندات جيوسياسية متداخلة، حيث الفاعل الظاهر غالبًا ما يكون مجرد واجهة لجهة مستفيدة خفية ، الفصائل مخترقة كما اخترقت اسرائيل حزب الله وايران، وهناك عدة سيناريوهات استراتيجية للوصول الى الفاعل فتركيا متهمة كونها تريد ابتزاز الإقليم لضمان شروط تجارية أفضل في عقود الطاقة (خفض الأسعار)، وتمرير رسالة بأن أي مشروع اقتصادي ناجح يجب أن يمر بضمانات أمنية تركية، مستغلة هشاشة البنية التحتية.
والمتهم الثاني روسيا التي تخوض حرب الغاز الأوروبية والهدف زعزعة الموثوقية في الغاز الكردي كبديل لإمداداتها الأوروبية. وروسيا ضد أي تفاهمات بين الإقليم والدول الأوروبية لتصدير الغاز الكردي كونه يمثل تهديداً مباشراً لمصالها في السوق الحالية أو المستقبلية. لذلك، قد تستخدم روسيا عملاء (سواء كانوا من الفصائل أو غيرها) لتنفيذ الضربة بهدف إظهار أن الغاز الكردي مصدر غير مستقر .
اما إيران والفصائل فهي في ظل الضغط الدولي والأمريكي، من غير المرجح أن تُقدم إيران أو الفصائل على استهداف مباشر وحيوي؛ لأن ذلك سيقدم ذريعة لرد فعل قاسٍ واستبعاد سياسي. لذا، فهم في هذا السيناريو قد يكونون الضحية المباشرة لعملية اختراق تهدف إلى إلصاق التهمة بهم وتقويض دورهم السياسي.
والسيناريو الأقرب الذي أميل اليه هو التوافق (الأمريكي الأسرائيلي) يظل الاحتمال الأقوى والذي يخدم مصالح امريكا، وإسرائيل، وحكومة الإقليم ستكون المستفيد في نفس الوقت، وإن كان بطرق غير مباشرة ، فهدف امريكا وإسرائيل المشترك يتمثل في لصق التهمة بالفصائل المسلحة لإنهاء دورها أو إضعافها ونزع سلاحها المهدد لاسرائيل وابعادها عن الحكومة القادمة . والاختراق هنا يخلق ذريعة قوية لتهيئة الظروف لضربات إسرائيلية قادمة ، كذلك يستفيد الإقليم من الفعل الأمريكي الاسرائيلي من الهجوم لاستخدامه في الابتزاز الأمني للحكومة الاتحادية لتسليحه بأنظمة دفاع جوي متطورة، وتبرير المطالب الأمنية وحماية بنيته التحتية. وفرض شروط جديدة للتسليح كذلك يريد الخلاص من الفصائل المسلحة كونها العقبة الكبرى امام الاقليم لضم كركوك .




