بين التهديد والحسابات المعقدة: هل يقامر ترامب ويدخل الحرب إلى جانب إسرائيل؟
بقلم: حسن درباش العامري

بغداد
بعد الضربة الإسرائيلية المباغتة التي استهدفت إيران، وردّ طهران الصاروخي القوي والمزلزل والمنظّم، بات السؤال الأكثر إلحاحًا
هل تدخل الولايات المتحدة الحرب إلى جانب إسرائيل؟ وهل يقامر الرئيس الأمريكي بالمصالح الأمريكية التي تمثل جزء من مجالات الأمن القومي والاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية
وهل يغامر في تحويل التهديدات الأمريكية إلى فعل عسكري مباشر، أم تبقى ضمن دائرة التلويح والتخويف؟
الهجوم الإسرائيلي الأخير شكّل خرقًا خطيرًا للقانون الدولي، وفتح الباب أمام ردود فعل إيرانية أثبتت أن طهران تملك القدرة على الرد القاسي والمنضبط في آن واحد.
لقد كانت الرسالة الإيرانية واضحة: لا خطوط حمراء إذا تعرّضت السيادة للخطر.
في المقابل، جاء الرد الأمريكي عبر التهديدات والتصريحات وبعد تحريك حاملات الطائرات الحربية نحو منطقة الصراع والتي توحي باستعداد واشنطن للوقوف إلى جانب إسرائيل وبدأت التهديدات الأمريكية بأستهداف المفاعل النووي الايراني وبالخصوص مفاعل فوردو وكذلك استهداف القيادات السياسية الايرانية. لكن، هل هذه التهديدات قابلة للتنفيذ في الواقع؟ أنا أرى أن ضرب المفاعل النووي الايراني سينهي الحياة بشكل كامل في فلسطين المحتله وحينها لم يتبقى شئ اسمه اسرائيل لأن ما يصيب إيران لن يوازي مايحصل بالكيان الصهيوني ،لان مفاعل ديمونه سيكون الهدف التالي وهذا ما يجعل فلسطين غير قابلة للحياة فيها لمدة تتعدى الخمسين عاملا على أقل تقدير !!!
ولكن لمناقشة ماهي
الحسابات الأمريكية… و دوافع التدخل الأمريكي والتحالف الاستراتيجي مع إسرائيل يشكّل أحد ركائز السياسة الأمريكية في المنطقة، والتخلي عنه يهدد موقع واشنطن في الشرق الأوسط.
أما حسابات الردع ، ترى بعض دوائر القرار الأمريكي أن الصمت على الرد الإيراني قد يُفسر ضعفًا استراتيجيًا يشجع خصوم أمريكا الآخرين.
بالإضافة للضغط السياسي من اللوبيات الصهيونية والمؤسسات الداعمة لإسرائيل داخل الكونغرس والإعلام.
أما معوقات التدخل العسكري المباشر فأهمها الداخل الأمريكي المنقسم حول ضرورة هذا التدخل، وهناك مزاج شعبي معارض لأي مغامرة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط.
وكذلك الاقتصاد الأمريكي الهش، والذي لا يحتمل حربًا طويلة أو مكلفة، خاصة في ظل التضخم والعجز المالي.
إضافة إلى وجود مخاوف من فكرة توسّع الحرب إلى جبهات متعددة: من اليمن إلى لبنان والعراق والخليج، ما يجعلها حربًا استنزافية لا نهاية قريبة لها.
وكذلك إن إسرائيل لم تعد الورقة الرابحة الوحيدة بالمنطقة وان الواقع الإسرائيلي اليوم يعيش أسوأ مراحله بوجود انقسام داخلي سياسي ومجتمعي.مع استمرار حالة استنزاف عسكري في غزة والضفة والشمال.
وبرزت اخيرا قضية فقدان هيبة الردع بعد عجزها عن منع الصواريخ الدقيقة أو التصدي للرد الإيراني الأخير وبالتالي، فإن الدعم الأمريكي لإسرائيل لم يعد كما كان في السابق؛ فإسرائيل لم تعد حليفًا قويًا يمكن البناء عليه، بل عبء استراتيجي يتطلب التقدير قبل المجازفة.
وربما تكون التهديدات الأمريكية بالحرب في ظاهرها جدية، لكن في باطنها محكومة بالحسابات الدقيقة والمعقدة.
والولايات المتحدة الأمريكية تعرف أن أي خطوة خاطئة نحو مواجهة شاملة مع إيران لن تكون نزهة عسكرية، بل مغامرة قد تحرق المنطقة بأكملها وتكلف أمريكا نفوذها وسمعتها في العالم.
ولهذا يمكن القول إن الصوت الأمريكي عالٍ، لكنه لا يعكس رغبة حقيقية في القتال، بل محاولة لاحتواء الأزمة وتثبيت قواعد الاشتباك، دون الغوص في معركة لا يمكن حسمها.
حسن درباش العامري
كاتب وخبير سياسي