شؤون اقليميةمقالات

الأزمة السورية وتداعياتها: هل الأمن القومي العراقي في دائرة الخطر ؟

كتب رياض الفرطوسي

تشهد المنطقة تطورات متسارعة نتيجة الأحداث الأخيرة في سوريا، حيث تثير التوترات مخاوف عميقة إقليمياً ودولياً. فالأزمة السورية، التي باتت ميداناً لصراع القوى الكبرى بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وروسيا وإيران والصين من جهة أخرى، لا تزال تتصدر المشهد، مع تنامي المخاوف من تداعياتها الأمنية على دول الجوار، وفي مقدمتها العراق . أجمعت ردود الفعل الدولية على القلق المتزايد من العواقب السلبية للأحداث الجارية في سوريا، وسط دعوات أممية وإقليمية للحوار والاستقرار. ومع استمرار تصاعد العمليات الإرهابية على الأرض السورية، يحذر المراقبون من اتساع دائرة الصراع وتأثيرها المباشر على الأمن القومي لدول الجوار . أن الأحداث الأخيرة في سوريا قد تشكل تهديداً مباشراً على الامن القومي في العراق من خلال الاعمال الارهابية . لكن العراق شدد على وقوفه إلى جانب الشعب السوري وجيشه في مواجهة الإرهاب، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمنه القومي . أمام هذه التحديات، أعلن العراق اتخاذ سلسلة من التدابير لتعزيز أمن حدوده مع سوريا، من بينها : تحصين الحدود : إقامة تحصينات أمنية إضافية لمنع تسلل الجماعات الإرهابية . انتشار عسكري مكثف : نشر قوات الجيش والحشد الشعبي، مع تسيير طلعات جوية دورية تحت إشراف قيادات عسكرية بارزة . تعزيز التعاون الاقليمي : إجراء مباحثات هاتفية بين وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظرائه في تركيا وسوريا لتعزيز التنسيق الأمني ومواجهة التحديات المشتركة . رغم الجهود المبذولة، يظل العراق عرضة لتداعيات الأزمة السورية نظراً إلى عوامل عدة، أبرزها : اولا : الجوار الجغرافي: الحدود الطويلة بين العراق وسوريا تمثل معبراً محتملاً للجماعات الإرهابية . ثانيا : خلايا داعش النائمة: نشاط الجماعات الإرهابية في بعض المناطق العراقية يمثل تهديداً متزايداً . ثالثا: الأزمات السياسية الداخلية: التجاذبات بين القوى السياسية العراقية تضعف مناعة البلاد أمام التحديات الإقليمية . وحذر نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية فؤاد حسين من أن “زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا يشكل تهديداً لأمن المنطقة بأسرها”، داعياً إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة التطرف والإرهاب . لا يمكن النظر إلى الأحداث في سوريا بمعزل عن الصراع الدولي الأوسع نطاقاً، حيث تسعى القوى الكبرى لتحقيق مكاسب استراتيجية. فالأزمة باتت انعكاساً لصراع المصالح بين الولايات المتحدة والغرب من جهة، وروسيا وإيران والصين من جهة أخرى. كما أن تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، الذي شدد على أن “الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة”، تشير إلى تصميم دمشق على استخدام القوة كوسيلة رئيسية لمواجهة التحديات . وسط هذه التوترات، يحتاج العراق إلى تعزيز جهوده للحفاظ على استقراره، من خلال : اولا . تعزيز الوحدة الوطنية : تقليل حدة الخلافات السياسية لضمان موقف داخلي موحد . تطوير المنظومة الامنية : الاستثمار في تكنولوجيا المراقبة والتنسيق الاستخباراتي. تعزيز التعاون الاقليمي : الانخراط في شراكات استراتيجية مع دول الجوار لمواجهة التحديات المشتركة. تشير التطورات الأخيرة في سوريا إلى أن المنطقة مقبلة على تحديات كبيرة قد تعيد تشكيل المشهد الأمني والسياسي. ويظل الحفاظ على الأمن القومي العراقي مرهوناً بقدرة العراق على التصدي للتداعيات المحتملة للأزمة السورية، في ظل ساحة دولية تشهد صراعات متشابكة ومصالح متضاربة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى