الثورة الحسينية ثورة نوعية، مفعمة بالاحداث والمواقف والحالات الإيجابية، وتعاملت مع الجوانب الشخصية المتنوعة والمتعارضة للأفراد والجماعات، والحالات السياسية والدينية والاجتماعية لسائر المجتمعات القديمة والحديثة على حد سواء، بلا أذرع ولا لوبيات ولا برلمان ولا تزوير ولا كواليس ولا طرف ثالث، وبلا وعود دنيوية ولا اغراءات مناصب ولا مكافآت مالية ولا درجات خاصة، ولم تنخرط في دوافع قصيرة المدى، ولم تهدد أهداف الاسلام الطويلة المدى.
ومن الواضح أنها الثورة الوحيدة التي أحدثت نقلة نوعية عميقة في بنية المجتمعات الإسلامية والإنسانية، ماديا ومعنويا وفي كل المجالات، وكرست منظومة قيم اجتماعية جديدة، وإعادة رسم خارطة موازين القوى والقوة، وفق رؤية جديدة في المجتمعات الاسلامية المناهضة للدول الاستكبارية والأنظمة الديكتاتورية!!
ثورة بهذا الحجم والتأثير والمسار والتشكيل والنتائج….
كيف بدات؟
هل انتهت؟
هل هي ثورة مجتزأة اختصت بجغرافية معينة وزمن معين، ضد حالة مؤقتة غير مرغوب فيها؟
هل هي ثورة أم انتفاضة ام احتجاج ام انقلاب عسكري؟
هل لأن الامام الحسين عليه السلام متدين ظهر اثر الدين عليها، ام انها ثورة سياسية بصبغة دينية، لتتكيف معها اعتقادات معينة وتصرفات خاصة؟
هل هي معارضة سياسية بأدوات عسكرية، ضد نظام سياسي فاسد؟
أسئلة عظيمة، تحتاج لبحوث تفصيلية موسعة، لا تتحملها هذه الصفحة ولا هذه الدراسة، ولأن محدثكم غير مؤهل للإجابة عليها كما يجب، سأطرح الممكن وعلى ذوي الاختصاص ”تفصيلات الاجابة“
المسيرة الإسلامية جرت على يد النبي محمد (ص) وانتكست بعد استشهاده !!ثم عادت على منوالها في ”عهد الأمام على بن ابي طالب عليه السلام“ والوقائع الفاصلة التي حدثت بعده ”سلام الله عليه“ كان سببها الأهم ”الانحدار المفرط والمخزي للشخصية الاموية“ والتي خسر في عصورهم الاسلام، لأهم مرتكزاته ومعاقلة وأولوياته!! وتحول من وحي صانع للعدالة والرحمة والإنسانية، والريادة النفسية والاجتماعية، وتشريعا سماويا لتنظيم الحياة البشرية، لأسلام نفعي، قائم على المصلحة واللهو وبيض الحسان ونخر العقول وحز الرؤوس وتقطيع الاجساد، اسلام بعيد كل البعد عن تعاليم ومبادئ وثوابت وعقائد الاسلام!! أسلام أموي ضد الاسلام المحمدي.
ورغم أن الأمويين يتحركون وفق اهداف وذرائع سياسية، الا أنهم يمثلون الاسلام، ويدعون بأنهم يؤمنون بالقران الكريم، وأن هدفهم إقامة دولة الخلافة الإسلامية في البلاد الإسلامية، كما هو ثابت لدى ”القاعدة وداعش“ والإمام الحسين عليه السلام رأى أن الاسلام الأموي واقع لا محالة، فقد أحسن الامويين استغلال الاسلام النفعي افضل مما هم في الجاهلية!!
الصورة الإجمالية لأسلام قائم على أوتاد أموية، تسعى للحفاظ على المكتسبات الجاهلية، وتفردها بالسلطة بمسارات وضيعة وأهداف خبيثة، أدرك من خلالها الامام الحسين عليه السلام، نتائجها الخطيرة وعواقبها الوخيمة على الأمة الإسلامية جمعاء وعبر مختلف الأزمنة، فما كان منه سلام الله عليه، إلا أن يظهر ”المبدئية العلوية بقرار راسخ“ ومن يومها بدأ بثورة عبرت جغرافية الطف ومساحة كربلاء، ولم تنتهي بأستشهاده وأهل بيته عليهم السلام، وتخطت الملعون يزيد وعهد الأمويين والعباسيين قاطبة، ثورة عبرت الحدود وتخطت الأزمنة، كانت ومازالت وستبقى جذوة ملتهبة تأتي منها الاخبار النافعة للموالين، وجمرة تصلي كل من يقف بالضد منها حتى قيام القائم(عج).