يشير الوضع الميداني لتلقي الامريكيين ضربة موجعة على يد المقاومة العراقية ليس بسبب دقة الضربة التي وجهت لقواعدهم بل لاهمية هذه القواعد وتحصيناتها والتقنيات المزودة بها ،اضافة لأنكشاف الاغراض التي اوجدت من اجلها ومن بينها البرج 22 الذي جرى قصفه،وكانت النتيجة مقتل عدد غير محدد من الجنود الامريكيين ويرجح ان الحصيلة تجاوزت ال ٧ قتلى بينهم ضباط متخصصين ومعهم عشرات الجرحى معظمهم بحالة حرجة ، مما ولد ردود فعل كبيرة على مستوى المؤسسة العسكرية والامنية ،وصلت الى احاطة رئاسية وتصريحات بدت انها مبالغ فيها ،فلماذا كان رد فعل الامريكيين بكل هذا التوتر وعدم الاتزان ،وهل توجد اسباب خفية وراء ردود الافعال هذه ؟؟ وماذا تعني العملية وماهي تداعياتها ؟؟!!
للاجابة يجب ان نفهم خصوصية البرج ٢٢ حيث يقع في مكان استراتيجي مهم بالأردن وفي في أقصى الشمال الشرقي عند التقاء حدود الاردن مع سوريا والعراق،او ما يعرف بالمثلث العراقي الاردني السوري ،والغرض كما تشير المعلومات المسربة التي لا يعرف تفاصيلها سوى القلة القليلة،حيث يضم الموقع عددا صغيرا من الجنود الأمريكيين ،وهذه القلة تكشف الاهمية القصوى ،فهم من نخبة الاستخبارات العسكرية والمسؤولين عن استخلاص المعلومات ومقاطعتها والكشف عن الاهداف وملاحقتها وتجنيد العملاء في كلا من سوريا والعراق ،وقد اضطلعت القاعدة المعروفة بالبرج ٢٢ بدور رئيسي في الحرب على تنظيم داعش وبعكس ما كان يروج ان اميركا تحارب التنظيم ،فقد كانت موقعا لاجتذاب قياداتهم ووضع الخطط لتحركاتهم وتنقلهم بين الجانبين العراقي والسوري ، ولا يتوقف الامر عند هذا الحد ،حيث تدار عمليات استراتيجية للكشف عن التواجد العسكري الإيراني في شرق سوريا، ومن المرجح انها مركز قيادة خلفي مؤمن كانت تستخدمه عناصر السي اي ايه والموساد لاسناد ودعم عمليات مشبوهة في العراق وايران ،وكان لضباط الارتباط فيها دور في تتبع حركات الشهيدين الجنرال قاسم سليماني و ابي مهدي المهندس رغم عدم وجود تآكيدات بهذا الخصوص.
البرج 22 طالما كان مركز عمليات واسناد للقوات الأميركية في التنف ،وجرى مؤخرا توظيفه لتتبع منفذي العمليات التي تقوم بها فصائل المقاومة العراقية في المنطقة، وارسال المعلومات والاحداثيات عن اماكن تواجدهم ،وليس غريبا ان تصدر الاوامر لتنفيذ عمليات اغتيال مدبرة تستهدفهم بمساعدة بعض العملاء المحليين وهو ما يفسر حماسة من يسندونهم اعلاميا الذين يستقون معلوماتهم وتوجيهاتهم من غرف العمليات النفسية في هذا الموقع التجسسي الحصين.
ان عملية استهداف هذه القاعدة مثلت نقطة تحول كبيرة في مسلسل المواجهة المباشرة بين فصائل المقاومة العراقية والغزاة الامريكيين ،الذين ثبتت لهم ،حجم امكانياتها وجهدها الاستخباري ،وقدراتها الدقيقة في توجيه ضربات ماحقة موجعة لمواقعهم السرية ،والكشف عن حقيقة وغايات هذا الوجود الاستعماري الداعم والمساند للكيان الصهيوني المجرم ، وبعيدا عن اي حسابات اخرى ،فالضربة بحد ذاتها كانت عملا شجاعا يستحق الاشادة ،رغم ارتفاع الاصوات النشاز التي تصور الامريكيين كحماة للامن في العراق ،وهو امر باطل لايستسيغه كل حر غيور يفهم حقيقة الامريكيين ،الذين لا يعيرون وزنا للضعفاء والمستسلمين ولا يردعهم غير القوة وضربات المقاومين الاشاوس..