شؤون اقليمية

واشنطن – الرياض؛ تنسيق التطبيع

د. شامل محسن هادي مباركه

بعد دعوة الرئيس الصيني، شي جين بين، للسعودية ولقاءه في ثلاث قمم، مع ولي عهد مملكة ال سعود، ملوك ورؤساء دول الخليج، والثالثة مع دول الجامعة العربية، شعرت إدارة بايدن أنها ارتكبت أخطاءً عديدة منها:

١- جعل السعودية دولة منبوذة لمقتل جمال خاشقچي بطريقة مروعة في سفارة المملكة في اسطنبول في ٢٠١٨.

٢- انسحابها من افغانستان بصورة مفاجئة من دون مشورة السعودية.

٣- انسحاب القوات الامريكية من التحالف السعودي في حرب اليمن.

٤- سحب انظمة الباتريوت المضادة للصواريخ من السعودية.

٥- عدم اتخاذ امريكا موقفاً دفاعياً من قصف الجهات المسلحة في العراق مصافي ارامكو للنفط في السعودية.

 

ثم تطورت الدراما الى:

– عودة العلاقات السعودية – الايرانية لطبيعتها في آذار (كثيرٌ من الصحف العالمية تناولت هذا الحدث).

– سعي محمد بن سلمان للحصول على مفاعل نووي من الصين او روسيا (راجع مقال على صحيفة نيويورك تايمز،  Inside Saudi Arabia’s Global Push for Nuclear Power، في ١ نيسان ٢٠٢٣).

– تقسيم الادوار والتنسيق بين الرياض وموسكو في قرارات دول اوبك + وتحديد كمية النفط المعروضة في السوق العالمية ( راجع مقال على صحيفة بلومبرغ، US-Saudi Oil Pact Breaking Down as Russia Grabs Upper Hand ، في ١٢ نيسان ٢٠٢٣).

– ممارسة محمد بن سلمان ضغطاً على جامعة الدول العربية لارجاع سوريا الى جامعةالدول العربية (راجع مقال على صحيفة الاسوشيتد برس، What’s behind Syria’s return to the Arab League في ٩ آيار ٢٠٢٣).

– وكان آخرها دعوة محمد بن سلمان لكبريات الشركات الصينية لدخول الرياض وتطوير البنى التحتية (راجع مقال على صحيفة المونيتور تحت عنوان Saudi Arabia set to host major China business conference as ties grow في ٤ حزيران ٢٠٢٣).

 

مما دفعت صحيفة رويترز بنشر تحليلٍ سياسيٍ عن محمد بن سلمان في ٣ نيسان تحت عنوان “Saudi crown prince acts to realign Mideast dynamics amid concern over US support”. يذكر صاحب المقال أن ولي عهد السعودية يسعى الى اعادة تنظيم ديناميكيات الشرق الاوسط وسط غياب واضح لامريكا.

 

كما نشرت صحيفة ميدل ايست آي مقالاً في ٧ نيسان  تحت عنوان “CIA complained US was blindsided by Saudi outreach to Syria and Iran: Report US spy chief expressed”. يذكر صاحب المقال عن صدمة أصابت امريكا، فقد أعرب رئيس المخابرات الأمريكية عن إحباطه من السياسة الخارجية المستقلة للسعودية خلال اجتماع مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 

كان ولي العهد السعودي حريصاً على تحقيق شروطه التي رفضتها ادارة بايدن منذ ٢٠٢١، والتي كانت:

١- إعادة أحياء الاتفاقية الامنية بين امريكا والسعودية التي عُقدت في ١٩٤٥؛ النفط مقابل الأمن.

٢- ضمانة أمنية من الولايات المتحدة مثل التزام الناتو بموجب المادة الخامسة تجاه المملكة العربية السعودية.

٣- التدفق الحر للأسلحة من امريكا الى السعودية بما في ذلك طائرات أف ٣٥.

٤- إعطاء الضوء الأخضر للسعودية على تخصيب اليورانيوم باستقلالية تامة.

 

شعرت امريكا باحباط وهي ترى وجودها في منطقة الشرق الاوسط يتلاشى، وهي مشغولة بحرب روسيا – اوكرانيا، وحضورها القوي في بحر الصين للدفاع عن تايوان ضد بكين.

 

فدفع الرئيس الامريكي لاصلاح أخطاءه، حيث اتخذ خطوات عملية على صعيدين: الدبلوماسي والعسكري.

 

على المستوى الدبلوماسي؛ بعث الرئيس بايدن مستشاريه الى الرياض لايجاد حلول للتحديات التي تواجهه العلاقة المضطربة بين واشنطن والرياض، مع سعي بايدن الدفع بعجلة التطبيع بين الكيان الصهيوني والرياض، فقد نشرت بعض الصحف:

 

١- بايدن يبعث وزير خارجيته للقاء محمد بن سلمان، (راجع مقال على صفحة الاسوشيتد برس، US Secretary of State Antony Blinken meets Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman، في ٧ حزيران ٢٠٢٣).

 

٢- بايدن يبعث كبير مستشاريه للسعودية لمناقشة الملفات العالقة بين البلدين، والتطبيع مع إسرائيل، (راجع مقال الاسوشيتد برس، Biden dispatches top adviser for talks with Saudi crown prince on normalizing relations with Israel، في ٢٨ تموز ٢٠٢٣).

 

وغيرها من اللقاءات على هامش القمم الدولية الاخرى الغير مخطط لها.

 

أما على المستوى العسكري فقد اتخذت ادارة بايدن خطوات عديدة منها:

 

١- الجيش الأمريكي يعزز موقفه الدفاعي في الخليج بعد أن احتجزت إيران ناقلات نفط. (راجع مقال على صحيفة رويترز، US military to bolster defensive posture in Gulf after Iran seizes tankers، في ١٢ آيار ٢٠٢٣).

 

٢- إسرائيل والأردن والسعودية تنضم إلى القاذفات الأمريكية في إظهار القوة لإيران، (راجع مقال على صحيفة المونيتور، Israel, Jordan, Saudi join US bombers in show of force to Iran، في ٩ حزيران ٢٠٢٣). حيث يذكر التقرير: أسقطت قاذفتان من طراز بي ٥٢ التابعة للقوات الجوية الأمريكية ذخائر على نطاقات مستهدفة في الأردن والمملكة العربية السعودية قبل العودة إلى أوروبا في أحدث تدريب إقليمي للبنتاغون يهدف إلى ردع إيران.

 

٣- تنشر امريكا قوات مشاة البحرية على السفن التجارية لمنع ايران من الاستيلاء عليها، (راجع مقال على صحيفة واشنطن بوست، U.S. moves to put Marines on commercial ships to stop Iranian seizures، في ٣ آب ٢٠٢٣).

 

من جانبها، أرسلت إسرائيل تطمينات بعدم وجود فيتو اسرائيلي في بناء مفاعل نووي سعودي. (راجع مقال على صحيفة المونيتور، Top Israeli official says country won’t block Saudi civil nuclear program، في ٣١ تموز ٢٠٢٣).

 

كان هناك تجاوب من الرياض لهذه التحركات، التي اعادت مناقشة طلباتها مع الجانب الامريكي، الذي اتخذ خطوة للامام، وفتح باب التطبيع بين اسرائيل والسعودية مقابل تحقيق مطالبها التي كانت مرفوضة يوماً ما. فقد نشرت صفحة رويترز خبراً تحت عنوان، Biden says deal may be in offing with Saudi Arabia, provides no details، في ٢٨ تموز ٢٠٢٣، حيث اعلن بايدن بان التطبيع بين إسرائيل والسعودية وشيكاً، مجرد ١٠ الى ١٢ شهراً سيحصل. رأينا في تأجيل التطبيع يعود الى ان بايدن يريد مكسباً سياسياً في انتخابات ٢٠٢٤، والذي دفعه لتأجيل التطبيع حتى الانتخابات الرئاسية.

 

من جانبها اتخذت الرياض مواقف ايجابية اتجاه التطبيع منها:

 

١- نشرت صحيفة ميدل ايست آي مقالاً عن شراء قناة أم بي سي السعودية حقوق نشر عمليات الموساد الاسرائيل ضد حزب الله اللبناني، مع ايقاف كل ما يُسيئ الى الكيان الصهيوني على قناتهم، (راجع المقال Leading Saudi broadcaster airs Israeli docuseries on Mossad operations، في ٢ تموز ٢٠٢٣).

 

٢- الرياض تعيّن مبعوثاً للفلسطينيين وسط مساعي للعلاقات السعودية الإسرائيلية، حيث قالت وزارة الخارجية السعودية إن سفيرها في الأردن سيعمل بشكل مشترك كمبعوث للفلسطينيين، (راجع مقال صحيفة نيويورك تايمز، Riyadh Appoints Envoy to Palestinians Amid Push for Saudi-Israeli Ties، في ١٣ آب ٢٠٢٣).

 

ليُنشِر مقالاً على صحيفة وول ستريت جورنال في وضع اللمسات الاخيرة على دخول السعودية في اتفاقية ابراهام، و لتكون من الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني الغاصب، (راجع مقال Saudis Agree With U.S. on Path to Normalize Kingdom’s Ties With Israel، في ٩ آب ٢٠٢٣).

 

وبه نستطيع القول أن حُلُم الفلسطينيين في المطالبة بحقوقهم المشروعة قد انتهى، والاسلام السياسي السُنّي، المتمثل بالقيادة السعودية للسُنّة في الوقوف مع القضية الفلسطينية، قد دخل الاحتضار السريري حتى يُعلن موته في الانتخابات الرئاسية الامريكية القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى