شؤون اقليمية

حرب الانسحاب الأميركي الإستراتيجي ومسارحها

بقلم : حازم أحمد فضالة

للبدء في سبر أغوار هذا العنوان، نحتاج أن نبيِّن نوع الحرب الأميركية الصلبة (قبل مرحلة حرب أوكرانيا)، إذ لا نتكلم عن الحرب الناعمة، بل الحرب العسكرية حصرًا:

 

أنواع الحروب الأميركية الصلبة

 

1- الحرب بالذات:

 

وتعني أن يخوض الجيش الأميركي نفسه، حربًا عسكرية، وهذا حدث مثلًا في الحربين العالميتين، وحربها على فيتنام التي قسمتها إلى: جنوبية وشمالية، وانتهت بالهرب الأميركي في (1975)، وحربها على أفغانستان التي بدأت في: 7-تشرين الأول-2001 وانتهت بالهرب الأميركي في: 31-آب-2021، وحربها على العراق التي بدأت في: 20-آذار-2003 وانتهت بالهرب الأميركي في: 31-كانون الأول-2011، وكان العراق مقبرة للقدرة الأميركية على اتخاذ قرار الحرب وتنفيذ القرار، إذ كانت (صواريخ الأشتر) للمقاومة الإسلامية (كتائب حزب الله)؛ قد صنعت معادلة ردع ورعب في الجيش الأميركي، كسرت سقفه الإستراتيجي، وهُزِمَ من العراق يحمل على ظهره معادلة (العجز عن اتخاذ قرار الحرب)، وهو عاجز حتى الآن، فانتهى مفعول الجيش الأميركي، وفاعليته العسكرية لخوض أي حرب برية؛ في (2011).

 

2- الحرب بالوكالة:

 

بعد أن عجزت أميركا أن تقود حربًا بجيشها، بدأت تؤسس (حرب الوكالة)، وهذه على قسمين:

 

أولًا: الجيوش غير النظامية العابرة للجغرافيا:

مثل: داعش، النصرة… إلخ وهذه تجمعات إرهابية من دول مختلفة، أميركا اقتحمت بها الدولة السورية، في (2011)، وبعدها العراق في (2014)، لكنها هُزِمَت كذلك، بسبب القوة فوق المكافئة التي يتمتع بها محور المقاومة.

 

ثانيًا: الجيوش النظامية:

مثل: جيش آل سعود وآل زايد، الذين أشعلوا نار الحرب الأميركية بالوكالة على دولة اليمن وشعبها العزيز، وهذه بدأت في: آذار-2015.

 

3- حرب الانسحاب الأميركي الإستراتيجي:

 

أخفقت أميركا في النوعين من حروبها: الحرب بالذات، الحرب بالوكالة، والآن مع عوامل المتغيرات العالمية، ابتكرت أميركا نوعًا جديدًا من الحروب وهو:

(حرب الانسحاب الأميركي الإستراتيجي)، وهو نوع يختلف عن سابقيه، لأنَّ النوعين قبله تريد أميركا لطرفها (الصديق، الحليف، الشريك) أن ينتصر، وهي حرب (تقدمية) وليست للانسحاب، لكن! هذا النوع الثالث، أميركا فيه لا تريد لحليفها أو صديقها أو شريكها؛ أن ينتصر، بل تريد طحنه في مطحنة حرب قد يخرج منها لكن (من غير أقدام)، وربما لا يخرج، أما الشق الثاني من نوع الحرب فهي (حرب انسحاب وليست حرب تقدم)!

إنَّ مسرح النوع الثالث من الحرب الأميركية، يتوزع هذا النوع على الميادين التالية:

 

أولًا: حرب الغرب على روسيا والصين وإيران في المسرح الأوكراني، التي بدأتها في: 24-شباط-2022.

 

ثانيًا: تحاول إشعال حرب أستراليا واليابان لمواجهة الصين: (الهدف: استنزاف، كسب وقت، تخفيض أسقف خسائر، ذريعة لهرب الجيش الأميركي من الدولتين، إبعاد أوروبا عن الكتلة الآسيوية).

 

ثالثًا: تحاول إشعال حرب تايوان لمواجهة الصين: (الهدف: استنزاف، كسب وقت، تخفيض أسقف خسائر، ذريعة لهرب الجيش الأميركي من تايوان، إغلاق ملف تايوان وإعادتها إلى الصين؛ لكن بحرب تطحن ما يمكن طحنه من تايوان وتُضَم بعدها إلى الأرض الأم: الصين).

 

رابعًا: تحاول إشعال حرب بين الكوريتين: الشمالية والجنوبية: (الهدف: استنزاف، كسب وقت، تخفيض أسقف خسائر، ذريعة لهرب الجيش الأميركي من كوريا الجنوبية، إغلاق ملف كوريا الجنوبية؛ لكن بحرب تطحن ما يمكن طحنه من كوريا الجنوبية، وتُضَم بعدها إلى الأرض الأم: كوريا الشمالية).

 

خامسًا: بعض الدول الأوروبية، مرشحة للتدحرج في مطحنة حرب الانسحاب الأميركي الإستراتيجي، وتُجَرّ إلى المستنقع الأوكراني، أو أن يتمدد إليها؛ بسبب توسع حلف النيتو (كبش الفداء).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى