ثقافيةشؤون اقليمية

سليماني القسامي الحمساوي الفلسطيني!

عبدالملك سام - اليمن

ما إن أدلى أحد المسؤولين الإيرانيين بتصريح قال فيه أن عملية (طوفان الأقصى) جزء من عملية الثأر للشهيد قاسم سليماني، حتى تلقفت وسائل إعلام صهيونية وموالية لإسرائيل الخبر بنهم شديد! والسبب برأيهم هو ان يظهروا حركة (حماس) بمظهر العميل الذي تسبب بكارثة لشعبه خدمة لأجندة بلد آخر..

الحقيقة أنني لم أسمع أسخف ولا أحقر من هذه الخزعبلات التي هدف مطلقوها ذر الرماد على العيون لكي لا نرى مدى سقوطهم! تذكرت لحظتها ما قاله لي والدي – رحمه الله – في إحدى نقاشاتنا حين قال بأن العملاء والخونة يفضحون واقعهم وطريقة تفكيرهم من خلال التهم التي يقذفون بها الآخرين؛ فيتهمون الشرفاء بالعمالة التي هم غارقون فيها حتى أعلى رءوسهم، أو يتهمونهم بالسرقة والكذب والخداع، أو حتى اللواط والسحر وغيرها من الصفات التي طالما أرتبطت بتاريخهم المخزي!

المسألة بتجرد واضحة لا لبس فيها، وإسرائيل هي من قتلت وتقتل الفلسطينيين بلا ذنب، والأنظمة العربية العميلة هي من تحاصر شعب فلسطين وتحمي ظهر إسرائيل، والشهيد سليماني لم يكن يعمل وينفذ عملا فيه مصلحة خاصة بإيران، بل كان أحد أهم قادة المقاومة الذين جاهدوا وسعوا لتحرير أرض عربية خالصة، وعمله هذا كان مبعثه الحقيقي إنساني وديني وأخلاقي لا شك فيه، وخلال مسيرته العظيمة عانى من الغربة والتعب والخوف حتى ختم حياته بأن ضحى بنفسه في سبيل القضية التي آمن بها.. قضية القدس وفلسطين.

بالطبع هذه المبادئ لا يمكن أن يفهمها أشخاص دنيئي الأخلاق كالمرتزقة والعملاء، وإلا لكانوا شعروا بالخجل عندما يأتي رجل من أقصى المنطقة يسعى ليقوم بعمل هو من واجباتهم وأهم مسئولياتهم التي سيسألهم الله عنها يوم الحساب، ولكن من ذا يقنع حقير النفس بقيمة الشجاعة والصدق والوفاء؟! فلو أنهم على الاقل سكتوا وشغلوا أنفسهم بحفلات الرقص والخلاعة لكان أفضل، ولكنهم دنائتهم أبت عليهم إلا أن يحاولوا إظهار أن غيرهم مثلهم حتى يغطوا عوراتهم!

هناك – للأسف – عدد لا بأس به من الشعب الإيراني يطالب حكومته بأن تطبع علاقتها مع أمريكا وإسرائيل، وأن لا تتدخل في “الصراع العربي الإسرائيلي” الذي لم يتسبب لإيران وشعبها سوى بالمتاعب الإقتصادية والسياسية الفادحة، وكلنا نعرف وضع إيران قبل الثورة الإسلامية في المنطقة حين كان يطلق عليها لقب “حارس الخليج”، ويومها كان أمراء ورؤساء معروفون ينحنون لتقبيل أقدام الشاه! أما إيران المسلمة التي يحكمها رجل هاشمي اليوم فلا تتناسب سياساتها مع أمريكا وعملائها، فكان من الطبيعي أن ينزعج هؤلاء مما تفعله إيران من دور عظيم ومشرف والذي يصب في مصلحة شعوب المنطقة برمتها!

لو لم تقم عملية (طوفان الأقصى)، فهل كانت إسرائيل ستكف عن قتل الفلسطينيين؟! وما هي نظرة العملاء – بفرض أنهم ناس محترمين – لكيفية تحرير الأرض والمقدسات بدون نضال وقتال ودماء؟! بالتأكيد هم لا يملكون مشروعا تحرري، بل ما معهم هو مشروع الإستسلام (التطبيع)، وفي الأخير سيقولون: “فلسطين ليست قضيتي”، و “أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون”.. فلماذا لا يقعدون ويتفرجوا بدل أن يشاركوا في جريمة التواطؤ والمشروع الصهيوني الشيطاني الذي يستهدف شعوب المنطقة بأكملها؟!!

الشهيد سليماني ورفاقة من القادة الأحرار للمقاومة، وإن كانت المقاومة خسرت جهوده وسعت للثأر له وتحقيق أهدافه فلا ضير في ذلك بأعتباره جزء منها، ومن يقتل الأبرياء اليوم في فلسطين هو العدو الصهيوني المجرم، وهو ومن تواطأ معه من عرب وعجم المسؤولون الوحيدون عن سفك الدماء في فلسطين أولا وأخيرا، وسيأتي اليوم الذي تقتص الشعوب فيه من القاتل ومن عملاءه الذين أعانوه ماليا وسياسيا وإعلاميا، بل وقاتلوا معه في السر والعلن!

تحرير القدس وفلسطين واجب ديني وقومي وأخلاقي على كل عربي ومسلم، ومن يشارك في هذا الأمر منا وعلينا مهما كان إنتماءه القومي، ومن يحاول أن يبعد الآخرين عن مساعدتنا هو يهدف لإضعافنا لينفرد الأمريكيون والصهاينة بفلسطين، ومتى ما تخلصوا من فلسطين سيتسنى لهم أن يلتفتوا لباقي شعوب المنطقة لتحقيق مشروعهم الشيطاني المشؤوم الذي لا يخفونه ويعرفه الجميع، فكيف لعاقل أن يصدق كذب الخونة؟! فلا تقعدوا معهم أبدا، ولا تلتفتوا لنباحهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى