شؤون اقليمية

موعد دخول إيران الحرب!

محمد الحسن

ربما هي ساعات، او ربما سنوات.. الدخول الايراني المباشر للحرب ضد الكيان الصهيوني، ليس جدال على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إنما هي الحرب الكبرى، لا مجال لتأثيرات العاطفة الشعبية وحماسها في الامر. ولكن، ما هو الجواب على موعد الدخول الايراني لقلب المعركة؟

النطاق المحدود..!

إيران تعمل وفق منهجين؛ الاول استراتيجي بعيد الامد، والثاني تكتيك مرحلي يستهدف تعطيل المشاريع الامريكية في المنطقة. استراتيجيا تعمل طهران على تنمية قدراتها العسكرية والتكنولوجية وإمداد حلفائها في محور المقاومة بكل مقومات المواجهة. وعلى المستوى السياسي تعمل على إنهاء خلافاتها وتصفير ازماتها مع بلدان المنطقة، فضلا عن استقطاب  تلك البلدان الى مشروعها او تحييدها على الاقل. اما على المستوى التكتيكي، فهي زوّدت ودربت الفصائل المرتبطة معها في المحور، بكل ما يلزم للدفاع او الهجوم، وبالتالي فهي تمتلك قدرة فريدة في مواجهة اي مشروع امريكي يسعي لتغيير خريطة المنطقة او ما يسمى “الشرق الاوسط الجديد”. وهنا يأتي دور الحرب المحصورة بنطاق مكاني وزماني محدود، وهذا يخدم كمحصلة، استراتيجيتها، ويعطّل تنفيذ مشاريع تغيير الخرائط. وفي هذه المرحلة تسعى طهران إلى البقاء ضمن نطاق هذه الحرب المكاني لضمان عدم حرف انظار العالم عن غزّة.

فتح الجبهات يبيد القطاع!

لو تصرف محور المقاومة بقيادة ايران، بطريقة غير محسوبة، كأن تفتح جبهة الجولان وجنوب لبنان؛ ستعد هذه الطريقة مظلة النجاة للكيان الصهيوني، اذ أنّ الموقف الامريكي وخلفه الاوربي، سوف يتكفل بمساعدة مباشرة لإسرائيل في الحرب، بينما ستذهب الاخيرة الى محو القطّاع، والماكنة الاعلامية الدولية لن تشير ولو على سبيل الإشارة، الى جرائم الكيان، وبالتالي فلن تقبل الجمهورية الايرانية بهذا السيناريو وسوف تبقى متمسكة بحل الاحتواء والابتعاد عن توسعة الحرب.

ماذا عن حزب الله..؟

ليس مغامرا او مقامرا؛ فالحزب يقرأ الواقع كما هو، داخليا وخارجيا. على المستوى الداخلي، يُدرك حزب الله الواقع اللبناني الذي يعاني من ازمات سياسية واقتصادية كبيرة، وهنا يقدّر الامور بشكل كبير ويحترم ارادة الشعب اللبناني، وبنفس الوقت يتكامل مع المقاومة اي غزة وبطريقة ذكية ودقيقة جدا، حيث يبقي لجام فرس الحرب في يده.. لا خطاب ولا صمت، غياب زعيم المقاومة يوتر الكيان، وبنفس الوقت يُحدث اضطرابا على حدود اسرائيل الشمالية وفق قواعد اشتباك هو من يحددها. امريكا لا تريد ان يدخل الحزب في الحرب، وهو ما يدركه الحزب. وهنا يحدث الارتباك؛  فدخول غزّة وحلُّ كبير، إن دخلها جيش الاحتلال قد تفتح عليه جبهة الشمال، وعدم دخوله يعني الذهاب إلى تسوية سياسية والمنتصر فيها محور المقاومة عموما. تحقق هذا السيناريو يعني هزيمة اسرائيلية تفضي الى هجرة معاكسة!

طاولات قطر وعمان..!

التفاوضات قائمة بين ايران وامريكا، قطر وسلطنة عمان تحتضن تلك الطاولات، وهناك تفاهم او تقارب في وجهات النظر بين الجمهورية الاسلامية والولايات المتحدة، هذا التقارب ناتج عن حقيقة ان الحرب الشاملة سوف تدمّر المنطقة بشكل كبير، وهذا ما لا تريده ايران في هذه المرحلة ولا يرغب به الامريكي. البيت الابيض يرفض توسيع دائرة الحرب لأسباب سياسية واقتصادية، وايران تسعى بكل ثقلها للحفاظ على انتصار القسام ليكون خطوة متقدمة في طريق الحرب الشاملة بعد أكتمال اركانها.

حرب الاتفاق..!

عندما يقال التفاوض او الاتفاق، يذهب الاعتقاد الى التماهي والانسجام، وفي ان هذا الاتفاق هو اتفاق الأعداء والخصوم وفق قواعد سلوك محددة، فقدان هكذا قواعد او غيابها يعني انتهاء رسمي للقانون الدولي وتتحول الكرة الأرضية الى ساحة حروب مفتوحة، تقليدية وغير تقليدية. ما حصل في تشرين الأول محكوم بهذه القاعدة ولم يخرج عنها، لذا فالحرب بقيت ضمن حدود جغرافية واضحة ومتدرجة بين فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن وايران، مع اختلاف مستوياتها بين تلك الجبهات. من هنا نخلص الى كون الساحات المتحالفة موحدة، والمختلفة متفقة على قانون اشتباك واضح ومحدد، إن تجاوزه احد فالحرب ستكون مفتوحة!

الشعوب مادة المقاومة..!

وحدة الساحات لم تشمل قوى المقاومة فقط؛ انما شملت تلك الوحدة الشعوب العربية والإسلامية وهو ما يحقق القيادة لمحور المقاومة وبالتالي فأن المحور المناقض في تلك البلدان لم تعد له مقبولية جماهيرية، هذا المنجز تحقق في تشرين ووضع المنطقة في واقع جديد لم تحسب له أمريكا أي حساب وهو ما جعل اساطيلها تتحرك على نحو السرعة. تلك الاساطيل لن تنفع في ساعة المواجهة الكبرى، لانها سوف تواجه شعوبا كاملة.

 

النووي يؤجل الاشتراك..!

إسرائيل وامريكا، لديهم الاستعداد الكامل في هذه المرحلة لاستخدام السلام النووي، وقد استخدم السلاح المحرم دوليا بشكل ميداني في غزَّة، غير انَّ الاشتراك الإيراني او غيره يعني ان الدولة المشتركة قد أتاحت للبيت الأبيض استخدام النووي.. سوف يبررون، بيد انَّ منبع المقاومة ينتهي. إنَّ وجود محورا للمقاومة يفاوض ويحارب ويناور، هو الإنجاز الحقيقي، واي تفريط بهذا الإنجاز يعني انهاء القضية والى الابد.

تلك الاعتبارات وغيرها تجعل ايران والحلفاء يتجنبون الحرب ويسعون للتفاوض وانهاء المسألة بطريقة عاجلة، فالحرب الشاملة تعجل بالوصول الى المشاريع المعمول عليها، وتفاديها يعني انتهاء كل المخططات الذاهبة لصناعة شرق أوسط جديد تقوده الدولة الصهيونية الوكيل الرسمي والحصري للويلات المتحدة، وبالتالي اغلاق الملف الفلسطيني واضعاف كل من يدعم تلك القضية المصيرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى